فلا بد على القول بالتداخل من التصرف فيه : إما بالالتزام بعدم دلالتها في هذا الحال على الحدوث عند الحدوث ، بل على مجرد الثبوت ، أو الالتزام بكون متعلق الجزاء وإن كان واحدا صورة ، إلا أنه حقائق متعددة حسب تعدد الشرط متصادقة على واحد ، فالذمة وإن اشتغلت بتكاليف متعددة حسب تعدد الشروط ، إلا إن الاجتزاء بواحد لكونه مجمعا لها ، كما في (أكرم هاشميا ، وأضف عالما) ، فأكرم العالم الهاشمي بالضيافة ، ضرورة : أنه بضيافته بداعي الأمرين يصدق أنه امتثلهما ،
______________________________________________________
بقوله : «أو بالالتزام بكون متعلق الجزاء وإن كان واحدا صورة ...» إلخ ؛ لأن الجزاء في كلتا الجملتين هو قوله : «فتوضأ» «إلا إنه حقائق متعددة حسب تعدد الشروط» حقيقة ، كأن نام وبال ، أو وجودا ، كأن نام مرتين أو بال كذلك ، «متصادقة على» جزاء «واحد» ؛ بأن بال ونام مرارا ثم توضأ وضوء واحدا ، فهذا الوضوء وإن كان شيئا واحدا صورة إلا إنه حقائق متعددة حسب تعدد الشرط ، مثلا : إن وجد الشرط مرتين كان هذا الوضوء حقيقتين ، وإن وجد الشرط ثلاث مرات كان الوضوء حقائق متعددة ، وهكذا ، «فالذمة» حين تعدد الشرط «وإن اشتغلت بتكاليف متعددة حسب تعدد الشرط إلا إن الاجتزاء بواحد لكونه مجمعا لها» أي : للتكاليف المتعددة. فقوله : «لكونه» تعليل للاجتزاء بواحد ، يعني : لكون الواحد مجمعا للتكاليف المتعددة ، فالاكتفاء بوضوء واحد في المثال المذكور إنما هو لتصادق الوضوءات العديدة الواجبة بموجبات مختلفة عليه ، وصدق الامتثال بالنسبة إلى الجميع.
قوله : «ضرورة» تعليل للاجتزاء بالواحد الذي هو المجمع.
وحاصل التعليل : أن الإتيان بالمجمع بداعي الأمرين يوجب صدق امتثال الأمرين الموجب لسقوطهما.
وكيف كان ؛ فمرجع هذا الوجه الثاني ـ من وجوه التصرف ـ إلى إبقاء الشرط على ظاهره من كونه علة لحدوث الجزاء ، وإلغاء ظهور الجزاء في كونه بعنوانه موضوعا للحكم ، فيقال : إن الوضوء مثلا الذي وجب تارة : بالنوم ، وأخرى : بالبول وثالثة : بمس الميت مثلا ليس حقيقة واحدة ، بل هو حقائق متعددة حسب تعدد الشرط ، حيث إن ظاهر كل شرط عليته لحدوث تكليف غير التكليف المسبب عن شرط آخر ، فيكون الوضوء كالغسل من حيث وحدته صورة وتعدده حقيقة ، لكنه مع كونه حقائق متعددة يصدق على واحد ، كوجوب إكرام هاشمي ، وضيافة عالم ، فإن الذمة وإن اشتغلت بتكليفين ـ وهما وجوب إكرام الهاشمي ووجوب إضافة العالم ـ إلا إنه إذا أضاف عالما هاشميا ، فقد برئت ذمته من كليهما ؛ لأنه يصدق حينئذ امتثالهما معا.