تركه مطلوبا في جميع الأوقات ، فكذلك الخروج ، مع إنّه (١) مثله في الفرعية على الدخول ، فكما لا تكون الفرعية (٢) مانعة عن مطلوبيّته قبله وبعده ، كذلك لم تكن مانعة عن مطلوبيّته (٣) وإن كان العقل يحكم بلزومه (٤) إرشادا إلى اختيار أقلّ المحذورين وأخف القبيحين.
ومن هنا (٥) : ظهر حال شرب الخمر علاجا وتخلّصا عن المهلكة ، وأنّه (٦) إنّما يكون مطلوبا على كل حال لو لم يكن الاضطرار إليه بسوء الاختيار ، وإلّا (٧) فهو
______________________________________________________
فكل من الخروج والبقاء محكوم بحكم واحد لما هو المعروف من أنّ حكم الأمثال فيما يجوز ولا يجوز واحد.
(١) أي : مع إنّ الخروج مثل البقاء في الفرعية على الدخول.
(٢) يعني : كما لا تكون الفرعية للبقاء مانعة عن مطلوبيّة ترك البقاء قبل الدخول وبعده.
(٣) يعني : عن مطلوبية الخروج.
(٤) أي : يحكم العقل بلزوم الخروج. غرضه : إثبات الفرق بين البقاء والخروج نظرا إلى حكم العقل حيث يحكم العقل برجحان اختيار الخروج مع كونه حراما كالبقاء.
وحاصل وجه الرجحان : أن الخروج لمّا كان أقل محذورا من البقاء لحصول التخلّص به عن الغصب المحرم دون البقاء ؛ بل يزيد به الحرام حكم العقل بلزوم الخروج ، واختياره على البقاء إرشادا إلى اختيار أقل المحذورين ، وأخفّ القبيحين ، ولكن هذا الفرق غير موجب للفرق بينهما بالنسبة إلى ما هو المقصود في المقام من حرمة كليهما.
(٥) من اعتبار عدم كون الاضطرار بسوء الاختيار في انقلاب الحرمة إلى الوجوب ، ظهر حال شرب الخمر تخلّصا عن المهلكة فيقال : إن مطلوبيّة شرب الخمر لأجل التخلّص عن المهلكة منوطة بعدم كون الاضطرار بسوء الاختيار ، إذ معه لا يتصف شرب الخمر بالمطلوبيّة.
(٦) معطوف على «حال» ، يعني : وظهر أنّ شرب الخمر علاجا إنما يكون مطلوبا شرعا في كل حال ، من غير فرق بين ما قبل الاضطرار وما بعده بشرط أن لا يكون الاضطرار إليه بسوء الاختيار ، وإلّا فشرب الخمر باق على الحرمة ، ولا تتبدل حرمته بالوجوب بالاضطرار الناشئ عن سوء الاختيار.
(٧) أي : وإن كان الاضطرار إلى شرب الخمر بسوء الاختيار ، فهذا الشرب باق على ما هو عليه من الحرمة ، ولم يخرج عن عموم دليل حرمة شرب الخمر ولم يصر مطلوبا بسبب توقف نجاة النفس عن الهلاك عليه ، لكون الاضطرار إليه بسوء الاختيار ، فحرمة