القول بجواز الاجتماع ـ لا محذور في اتصافه بهما ، بخلاف ما إذا كان بعنوان واحد (١) ، فافهم (٢).
أو الالتزام (٣) بحدوث الأثر عند وجود كل شرط ، إلا أنه وجوب الوضوء في المثال عند الشرط الأول وتأكد وجوبه عند الآخر.
ولا يخفى (٤) : أنه لا وجه لأن يصار إلى واحد منها ، فإنه رفع اليد عن الظاهر بلا
______________________________________________________
(١) أي : كما هو ظاهر القضيتين في المثال المتقدم ؛ لوحدة الجزاء فيهما في نحو : «إذا نمت فتوضأ ، وإذا بلت فتوضأ».
(٢) لعلة إشارة إلى لزوم اجتماع المثلين حتى على القول بجواز الاجتماع ؛ إذ جواز الاجتماع إنما يصح في متعدد العنوان لا في متحد العنوان كالمثال المذكور ، حيث إن الوضوء الواقع عقيب شرطين ليس إلا عنوانا واحدا ، فيلزم اجتماع وجوبين في فرد واحد بعنوان واحد ، وهو مستحيل حتى عند القائل بالجواز ، فالجواب الثاني لا يخلو عن الضعف ، بل عن الإشكال.
(٣) هذا ثالث الوجوه من وجوه التصرف ، ومرجعه إلى رفع اليد عن ظهور القضية الشرطية في كون الشرط سببا مستقلا لوجود الجزاء ، فيكون الشرط الأول مؤثرا في وجود الجزاء في الجملة ، والشرط الثاني مؤثرا في تأكّده الذي هو مرتبة شديدة من مراتب وجوده ، فكل مرتبة من مراتب وجود الجزاء مستندة إلى أحد الشرطين ، مع المحافظة على ظهورها في كون موضوع الجزاء بعنوانه موضوعا للحكم.
فالمتحصل : أن وجوب الوضوء ـ في المثال المذكور ـ ثابت عند حدوث الشرط الأول كالنوم مثلا ، ولكن يتأكد وجوبه عند حدوث الشرط الآخر ، كالبول مثلا ، ولا يتولد وجوب آخر مثل الوجوب الأول عند حدوثه حتى يلزم اجتماع حكمين متماثلين فيه.
هذا تمام الكلام في الوجوه الثلاثة التي يمكن بها التفصي عن محذور اجتماع المثلين على القول بالتداخل.
(٤) أي : لا يخفى ورود الإشكال في الوجوه الثلاثة المذكورة بأنه لا وجه لأن يصار إلى واحد منها ؛ لأنها احتمالات في مقام الثبوت ، وهي لا تجدي في دفع إشكال اجتماع المثلين ما لم يقم دليل عليها في مقام الإثبات ؛ بل هي على خلاف الدليل إثباتا لكونها خلاف ظاهر الجملة الشرطية ، فلا يصار إلى واحد منها لكونه رفع اليد عن الظاهر بلا وجه يوجبه كما أشار إليه بقوله : «فإنه رفع اليد عن الظاهر بلا وجه» يعني : فإن المصير إلى واحد منها رفع اليد عن الظاهر بلا وجه.