ذكرناها ، لا مجرد كون الأسباب الشرعية معرفات لا مؤثرات ، فلا وجه لما عن الفخر وغيره ، من ابتناء المسألة على أنها معرفات أو مؤثرات ، مع إن الأسباب
______________________________________________________
وأخرى : فيما أفاده المصنف في ردّ كلام الفخر «قدسسره».
وأما توضيح ما نسب إلى الفخر فيتوقف على مقدمة وهي : بيان الفرق بين كون الأسباب الشرعية معرفات ، وبين كونها مؤثرات.
وخلاصة الفرق : أنه يجوز أن يكون لشيء واحد معرفات عديدة وعلامات متعددة كالإنسان مثلا ، حيث إنه قد يعرف بالحيوان الناطق ، وقد يعرف بالحيوان الضاحك ، وقد يعرف بالناطق أو الضاحك وحده. ولا يجوز أن يكون لشيء واحد مؤثرات كثيرة ، وذلك لاستحالة توارد المؤثرين المستقلين على أثر واحد كما برهن عليه في محله.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول : إنه لا بد من الالتزام بالتداخل بناء على المعرفية ؛ لإمكان أمارية أمور متعددة على مؤثر واحد وحكايتها عنه بأن يقال : إن ما جعله الشارع سببا لشيء ليس في الحقيقة مؤثرا وإنما كاشف عن مؤثر حقيقي واقعي ، مثلا : خفاء كل من الأذان والجدران وإن كان في ظاهر الدليل سببا لوجوب القصر ، ولكن في الحقيقة إنما هما معرفان عن البعد الخاص عن محل السكنى ، وكذا جعل كل من النوم والبول سببا لوجوب الوضوء في مثل : «إذا نمت فتوضأ ، وإذا بلت فتوضأ» ليس على نحو الحقيقة ، بل هما كاشفان عن السبب الحقيقي. وهكذا غيرهما من سائر الأمثلة ، فالمؤثر في الواقع يكون واحدا ، وكان كل من النوم والبول من علامات ذلك المؤثر ، ومع احتمال وحدة المؤثر واقعا لا وجه للحكم بتعدد المسبب هذا هو معنى التداخل.
وأما بناء على المؤثرية : فلا بد من الالتزام بعدم التداخل ؛ لاقتضاء كل مؤثر أثرا مستقلا.
هذا غاية ما يمكن أن يقال في توضيح ما نسب إلى الفخر ؛ من ابتناء القول بالتداخل وعدمه على المعرفية والمؤثرية.
وأما ما أفاده المصنف في ردّ كلام الفخر فحاصله : أن كلام الفخر مخدوش بوجهين ، الوجه الأول : ما أشار إليه بقوله : «وقد انقدح مما ذكرناه : أن المجدي للقول بالتداخل هو أحد الوجوه التي ذكرناها». والوجه الثاني : ما أشار إليه بقوله : «مع إن الأسباب الشرعية حالها حال غيرها».
وخلاصة الكلام في الوجه الأول : أن مجرد معرفية الأسباب الشرعية لا تقتضي المصير إلى التداخل ؛ لإمكان معرفية الأسباب الشرعية المتعددة لأسباب حقيقية متعددة ، ويكفي في إرادة احتمال تعدد السبب الحقيقي من الأسباب الشرعية المتعددة : ظهور