ثم إنه (١) لا وجه للتفصيل بين اختلاف الشروط بحسب الأجناس وعدمه ، واختيار عدم التداخل في الأول ، والتداخل في الثاني إلا توهم عدم صحة التعلق بعموم
______________________________________________________
بالسجدة مرتين ، ومن المعلوم : عدم كون القراءة والسهو في هاتين القضيتين سببا واقعيا أي : ملاكا لوجوب السجود ، ولا لازما للسبب الواقعي ؛ بل لهما دخل في الموضوع الذي تقوم به المصلحة الداعية إلى إيجاب السجود ، فالمصلحة مترتبة على الموضوع ، ومتأخرة عنه وجودا ، وليست في عرضه ، فيمتنع أن يكون الموضوع بقيوده لازما متأخرا وجودا عن العلة الغائية ، بعد وضوح كون العلة الغائية متأخرة وجودا عن الموضوع وقيوده ، فلا يكون الموضوع المتقدم عليها كاشفا عنها. نعم ؛ إيجاب الشارع كاشف عن العلة الغائية ، ككشف سائر المعلولات عن عللها.
وبالجملة : لو كان المراد بكون السبب الشرعي معرفا : إنه ليس علة غائية للحكم وإن كان علة مادية له ؛ بأن يكون موضوعا له ، أو مما له دخل في موضوعه كان له وجه ، لكنه لا يجدي فيما أفاده الفخر «قدسسره» كما سيأتي ، كما في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ٣٨٧».
توضيح بعض العبارات طبقا لما في منتهى الدراية : والضمير في قوله : «لها دخل» يعود إلى الأسباب الشرعية ، فمعنى العبارة : وإن كان للأسباب الشرعية دخل في تحقق موضوعات الأحكام ، بخلاف الأسباب غير الشرعية التي هي علل لأحكامها.
«فهو وإن كان له وجه» أي : فكون المراد بالمعرفية عدم كون الأسباب الشرعية دواعي الأحكام وإن كان له وجه ، حيث إن الأسباب الشرعية حينئذ لا تكون مصالح ومفاسد حتى تستتبع آثارا متعددة بتعددها ، فلا يتحقق التداخل ، لكنه لا يجدي فيما أراده من ابتناء التداخل على المعرفية ، وذلك لأن المراد بالمعرف حينئذ هو موضوع الحكم الشرعي ، ومن المعلوم : أن كل موضوع يقتضي حكما ، وكل شرط يقتضي حدوث جزاء «إلّا إنه مما لا يكاد يتوهم أنه يجدي فيما همّ وأراد» أي : إلّا إن كون المراد بالمعرفية عدم كونها علل الأحكام ودواعيها لا يجدي فيما أراد من التداخل بناء على معرفية الأسباب الشرعية.
فالنتيجة : أنه بناء على معرفية الأسباب الشرعية لا يلزم القول بالتداخل.
(١) الضمير للشأن. هذا إشارة إلى ما اختاره ابن ادريس الحلي «قدسسره» من التفصيل بين اتحاد جنس الشروط : كالبول مرتين أو مرات ، وبين اختلاف جنس الشروط ، كالبول والنوم والجنابة ، فقال بالتداخل في الأول ، وبعدمه في الثاني. قال في السرائر في مسألة وطء الحائض ما لفظه : «فإذا كرر الوطء فالأظهر أن عليه تكرار