السبب الواحد ، بخلاف الأول ، لكون (١) كل منها سببا فلا وجه لتداخلها ، وهو فاسد ، فإن قضية إطلاق الشرط في مثل إذا بلت فتوضأ هو حدوث الوجوب عند كل مرة لو بال مرات ، وإلا فالأجناس المختلفة لا بد من رجوعها إلى واحد ، فيما جعلت شروطا وأسبابا لواحد ، لما مرت إليه الإشارة من أن الأشياء المختلفة بما هي مختلفة لا تكون أسبابا لواحد ، هذا كله فيما إذا كان موضوع الحكم في الجزاء قابلا للتعدد.
______________________________________________________
مستقل للحكم ، له أثر مستقل ، فلا وجه للتداخل بخلاف الشروط المتحدة جنسا ، فإنه لا بد من التداخل فيها ، ولا يصح نفي التداخل بعموم اللفظ ، وهذا التوهم فاسد كما أشار إليه بقوله : «وهو فاسد» ، لأن مقتضى إطلاق الشرط في مثل : «إذا بلت فتوضأ» هو حدوث الوجوب للوضوء عند كل مرة إذا بال المكلف مرتين أو مرات على طبق الشرطين المختلفين جنسا كالنوم والبول ، وإن لم يكن الأمر كذلك فيقال : يجب في الشروط المختلفة ـ كالنوم والبول والجنابة مثلا ـ أن يرجع إلى قدر جامع بينها يكون هو الشرط والمؤثر واقعا ، فلا بد من القول بالتداخل ، لاستحالة صدور الواحد عن المتعدد ؛ بل لا يصدر الواحد إلا من الواحد كما هو المعروف بين الفلاسفة.
فإذا قال الحلي بالتداخل : فليقل به في كلا الموردين ، وإذا قال بعدمه : فليقل به فيهما ، فلا يصح التفكيك بينهما.
وهذا البحث إنما يصح فيما إذا كان موضوع الحكم في الجزاء قابلا للتكرار والتعدد كالوضوء والغسل والتيمم مثلا ، وأما ما لا يكون قابلا للتعدد : فلا بد من القول بتداخل الأسباب ، بأن تكون الأسباب المتعددة سببا واحدا لئلا يلزم اجتماع العلل المتعددة على المعلول الواحد ، ومعنى رجوع الأسباب المتعددة إلى سبب واحد هو : كون المؤثر هو الجامع بينها المنطبق على الجميع.
(١) تعليل لتعدد الجزاء ، وحاصله : أن كل قضية تقتضي جزاء مستقلا ، فقوله : «إذا نمت فتوضأ ، وإذا بلت فتوضأ» يدل على وجوب وضوء عقيب كل من الشرطين المختلفين حقيقة ، فإن صرف الوجود من كل شرط يقتضي جزاء على حدة.
هذا ما أشار إليه بقوله : «فلا وجه لتداخلها» أي : فلا وجه لتداخل الأجناس إذا كانت الشروط من الأجناس المختلفة.
قوله : «فإن قضية» تقريب لفساد التوهم المزبور ، وقد عرفت ذلك ، فلا حاجة إلى التكرار. وفي المقام بحث طويل أضربنا عنه تجنبا عن التطويل الممل.