.................................................................................................
______________________________________________________
أما لو كان مراده : احتمال وقوع شرط آخر مقام الشرط المذكور في القضية في مقام الإثبات ، ففيه : أن مجرد هذا الاحتمال لا يضر بدعوى القائل بالمفهوم ، لأنه يدعي عدم قيام شرط آخر مقام الشرط المذكور ، وظهور الشرطية في الانتفاء عند الانتفاء.
الثاني : ما أشار إليه بقوله : «وثانيها : أنه لو دل لكان بإحدى الدلالات» ، فيقال في تقريب الاستدلال بالقياس الاستثنائي : أنه لو دل الشرط على المفهوم لكان بإحدى الدلالات الثلاث ـ المطابقة أو التضمن أو الالتزام ـ والتالي باطل فالمقدم مثله ، والملازمة ثابتة لانحصار الدلالة اللفظية في الدلالات الثلاث. وأما بطلان التالي : فلأن الانتفاء عند الانتفاء ليس مدلولا مطابقيا ولا تضمنيا ولا التزاميا للقضية الشرطية ، فالنتيجة هي : عدم الدلالة على المفهوم.
وحاصل جواب المصنف عن هذا الاستدلال : أن الشرط وإن كان لم يدل على المفهوم بالمطابقة أو التضمن إلّا إنه يدل عليه بالالتزام ، فالمفهوم مدلول التزامي للشرطية ، إذ لازم الثبوت عند الثبوت هو الانتفاء عند الانتفاء ، وإلا فلا معنى لتعليق حكم الجزاء على الشرط.
الثالث : ما أشار إليه بقوله : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) ، بتقريب : أن الجملة الشرطية قد استعملت في هذه الآية المباركة ، ولا مفهوم لها ، إذ لو كان لها مفهوم لكان المعنى جواز الإكراه على البغاء حين إرادة عدم التحصن ، ومن الضرورة من الدين : حرمة الإكراه على البغاء مطلقا ، فيثبت المدعى وهو : عدم دلالة الشرطية على المفهوم.
وحاصل الجواب : أن الشرط في الآية المباركة لبيان تحقق الموضوع ، والشرط إذا كان كذلك لا مفهوم له ؛ لانتفاء الحكم حينئذ بانتفاء الموضوع ، فلا وجه للتمسك بها لنفي المفهوم أصلا ، لأن الجملة الشرطية فيها مسوقة لبيان تحقق الموضوع يعني : لا يتحقق الإكراه مع إرادة البغاء.
بقي هاهنا أمور :
٥ ـ الأمر الأول : في مقام بيان قانون أخذ المفهوم : والضابط الكلي في أخذ المفهوم هل هو انتفاء شخص الحكم الحاصل بإنشائه في القضية الشرطية ، أو انتفاء سنخ الحكم ونوعه؟