للحمل لو كان بلحاظ المفهوم ، فإن (١) ظهوره فيه ليس بأقوى من ظهور المطلق في الإطلاق كي يحمل عليه لو لم نقل بأنه الأقوى لكونه بالمنطوق ، كما لا يخفى.
وأما الاستدلال على ذلك (٢) ـ أي : عدم الدلالة على المفهوم ـ بآية (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) (٣). ففيه (٤) : أن الاستعمال في غيره أحيانا مع القرينة مما لا يكاد ينكر كما في الآية قطعا.
______________________________________________________
(١) تعليل لقوله : «لا وجه للحمل» ، أي : لا وجه لتقديم المقيد على المطلق بحمل المطلق على المقيد ، لأن ظهور المقيد في المفهوم ليس أقوى من ظهور المطلق في الإطلاق كي يحمل المطلق على المقيد «لو لم نقل بأنه أقوى» يعني : ظهور المطلق أقوى لكونه بالمنطوق. هذا تمام الكلام في ما في التقريرات.
ويمكن أن يقال في دفع ما في التقريرات : بأن الملاك في تقدم دليل على دليل آخر عند التنافي بينهما ليس لأجل قوة المنطوق على المفهوم ، بل لأجل كون أحدهما أظهر من الآخر ، ومن المعلوم : أن المقيد أظهر من المطلق.
(٢) تقريب الاستدلال بالآية المباركة على عدم المفهوم : أنه لو كان للوصف مفهوم لزم عدم حرمة الربيبة التي لا تكون في حجر الزوج على زوج أمها ؛ إذ كلمة ربائبكم موصوف ، وكلمة «اللاتي» مع صلتها صفة لها ، وهو خلاف الضرورة من الدين ؛ إذ لا خلاف في حرمة الربيبة بلا فرق بين كونها في الحجر وعدمه ، فحينئذ لا بد من الالتزام بعدم المفهوم للوصف ، لئلا يلزم عدم حرمة الربائب اللاتي لسن في حجور الأزواج ، وهو مخالف الضرورة.
(٣) سورة النساء : ٢٣.
(٤) وقد أجاب المصنف عنه بوجهين :
الوجه الأول : أن حرمة الربيبة مطلقا وإن لم تكن في حجر زوج أمها ليست لأجل عدم المفهوم للوصف ؛ بل لأجل قرينة خارجية وهي إجماع المسلمين على تحريم نكاح الربيبة على زوج أمها المدخول بها ، سواء كانت في الحجر وتحت تربيته أم لم تكن فيه ، وهذه القرينة الخارجية تقتضي عدم المفهوم لا الوصف من حيث هو هو ، ومن المعلوم : أن موارد القرينة على ثبوت المفهوم للوصف أو نفيه عنه خارجة عن محل النزاع الذي هو دلالة الوصف بنفسه على المفهوم وعدمها عليه ؛ إذ القائل بالمفهوم لا ينكر عدم المفهوم لأجل القرينة ، كما أن المنكر له يعترف به لأجل القرينة أيضا.
والمتحصل : أن الوصف في الآية الشريفة قد استعمل في عدم إرادة المفهوم قطعا ، لكن مجرد الاستعمال لا يدل على الحقيقة لكونه أعم منها.