فصل
هل الغاية في القضية تدل على ارتفاع الحكم عما بعد الغاية ، بناء على دخول الغاية في المغيّى ، أو عنها وبعدها بناء على خروجها أو لا؟ فيه خلاف ، وقد نسب إلى
______________________________________________________
في مفهوم الغاية
وقبل الخوض في البحث لا بد من تحرير محل النزاع ، والتحقيق في مفهوم الغاية فنقول : إن الغاية قد تطلق على نهاية الشيء والمراد بها آخره.
وقد تطلق على المسافة كقول النحاة «من» لابتداء الغاية ، و «إلى» لانتهاء الغاية.
وقد تطلق على علة الشيء والمراد بها الغرض الذي يقع لأجله الشيء ، ويعبر عنها بالعلة الغائية أيضا ، كجلوس السلطان على السرير ، فإنه الغرض الذي يصنع لأجله السرير.
إذا عرفت هذه المعاني للغاية فاعلم : أن المراد بها في المقام هو المعنى الأول ، لأن الأدوات ـ وهي : حتى وإلى ـ موضوعة لبيان النهاية كقوله تعالى : (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ)(١) ، وكقوله تعالى : (كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)(٢).
فيقع البحث في مقامين :
١ ـ في دخول الغاية في المغيّى. ٢ ـ في مفهومها.
وأما البحث في دخول الغاية في المغيّى وعدم دخولها فيه فيحرر هكذا :
هل الغاية داخلة في المغيّى أو خارجة عنه ، مثلا : إذا قال المولى لعبده : «صم من الأحد إلى الجمعة» فهل يجب صوم الجمعة أم لا؟
فإن قلنا بدخول الغاية في المغيّى فيجب صومها ، وإن قلنا بأنها خارجة عنه فلا يجب صومها.
وأما البحث في مفهوم الغاية فيحرر هكذا : هل الغاية تدل على ارتفاع الحكم عما بعد الغاية ـ بناء على دخولها في المغيّى ـ أو تدل على ارتفاعه عن الغاية وعن بعدها بناء
__________________
(١ و٢) جزء من آية : ١٨٧ من سورة البقرة.
(١ و٢) جزء من آية : ١٨٧ من سورة البقرة.