وأما (١) إذا كانت بحسبها قيدا للموضوع ، مثل : (سر من البصرة إلى الكوفة (٢)) ، فحالها (٣) حال الوصف في عدم الدلالة ، وإن (٤) كان تحديده بها بملاحظة حكمه ، وتعلق الطلب به ، وقضيته ليس إلا عدم الحكم فيها إلا بالمغيّا ، من دون دلالة لها أصلا على انتفاء سنخه عن غيره ، لعدم ثبوت وضع لذلك ، وعدم (٥) قرينة ملازمة لها
______________________________________________________
(١) عطف على قوله : «إذا كانت» يعني : وأما إذا كانت الغاية بحسب القواعد العربية قيدا للموضوع فلا تدل على المفهوم ، كما عرفت.
(٢) فإلى غاية وقيد للموضوع ، لا لوجوب السير ، فكأنه قيل : «السير المتصف بكون أوّله البصرة وآخره الكوفة واجب» ، حيث إن «من وإلى» متعلقان بمادة «سر» لا بهيئته ، إذ ليس ما بين مبدأ السير ومنتهاه مكانا للحكم ، فلا يصح تعلقهما بالهيئة. هذا مضافا إلى أن المتبادر من معنى الجملة المذكورة هو : أن السير بين الحدين متعلق الوجوب.
(٣) جواب «أما» في قوله : «وأما إذا كانت ..» إلخ ومعنى العبارة : أنه إذا كانت الغاية بحسب القواعد العربية قيدا للموضوع فحال الغاية حينئذ حال الوصف في عدم الدلالة على المفهوم ، وأن المنفي بحصول الغاية ـ كالمنفي بانتفاء الوصف ـ هو شخص الحكم لا سنخه ، الذي هو المطلوب في المفهوم.
(٤) كلمة «إن» وصلية يعني : وإن كان تحديد الموضوع بالغاية وتقييده بها موجبا لانتفاء الحكم بحصول الغاية ، لكنه ليس من باب المفهوم ؛ لأنه من انتفاء الحكم الشخصي بارتفاع موضوعه ، لا من ارتفاع سنخ الحكم الذي هو المفهوم. وكيف كان ؛ فمحل النزاع ما إذا كانت الغاية غاية للحكم ، لا للموضوع ، كما هو الظاهر من لفظ الغاية ؛ إذ لو أريد تحديد الموضوع كان المناسب ذكره وصفا لا غاية.
والمتحصل : أن تحديد الموضوع بالغاية وإن كان هو بملاحظة حكم الموضوع ، ويكون مرجعه إلى تحديد الحكم بها إلا إنه لا تدل على ارتفاع سنخ الحكم بحصولها ، ومقتضى تحديد الموضوع بالغاية ليس إلا عدم الحكم في القضية إلا بالمغيّا ، من دون دلالة لها على المفهوم وارتفاع سنخ الحكم بحصول الغاية. فالضمير في قوله : «فيها» يرجع إلى القضية.
قوله : «لعدم ثبوت وضع لذلك» تعليل لعدم الدلالة وحاصله : عدم ثبوت وضع لدلالة الغاية التي تكون قيدا للموضوع على انتفاء سنخ الحكم عن غير المغيّى ، والأولى أن يقول : لها بدل «لذلك».
(٥) عطف على «عدم» في قوله : «لعدم ثبوت ..» إلخ يعني : ولعدم قرينة ملازمة للدلالة على انتفاء سنخ الحكم عن غير المغيّى ، ولو كانت الملازمة غالبية ؛ بحيث دلت