فصل
لا شبهة في دلالة الاستثناء (١) على اختصاص الحكم سلبا أو إيجابا بالمستثنى منه (٢).
ولا يعم (٣) المستثنى ، ولذلك (٤) يكون الاستثناء من النفي إثباتا ، ومن الإثبات نفيا ،
______________________________________________________
مفهوم الحصر
(١) الكلام في أداة الحصر منها : كلمة «إلا» ، وقبل الخوض في البحث لا بد من تحرير محل النزاع في الحصر بكلمة «إلا» فيقال : إن محل النزاع ما إذا استعملت كلمة «إلا» بمعنى الاستثناء ، لا ما إذا استعملت صفة بمعنى الغير نحو : «لا إله إلا الله» أي : غير الله تعالى.
ثم محل النزاع : ما إذا كان مفاد الاستثناء انتفاء سنخ الحكم ونوعه عن المستثنى منه ، لا انتفاء شخص الحكم الذي أنشأه المتكلم ، حيث إنه مختص بالمستثنى منه بلا كلام ؛ لأن مفاد الاستثناء هو : تضييق دائرة موضوع الحكم ، والحكم لا يشمل إلا موضوعه.
وكذا محل الحكم المفهومي ـ على القول بالمفهوم ـ هو طرف المستثنى لا المستثنى منه ؛ إذ لا شك في أن حكم المستثنى منه إنما هو بالمنطوق لا بالمفهوم.
(٢) يعني : اختصاص سنخ الحكم ونوعه لا شخصه ؛ لما مر غير مرة من أن المدار في المفهوم هو : ارتفاع السنخ لا الشخص ، سواء كان الحكم سلبا نحو : لا تكرم الأمراء إلا عادلهم ، أو إيجابا نحو : «أكرم العلماء إلا فساقهم» يعني : لا شبهة في دلالة الاستثناء على اختصاص حرمة إكرام الأمراء ، بالمستثنى منه ، وانتفائها عن المستثنى في المثال الأول ، واختصاص وجوب إكرام العلماء بالمستثنى منه ، وانتفاؤه عن المستثنى في المثال الثاني.
(٣) الأولى تبديل «ولا يعم» ب «وانتفائه عن المستثنى» ، وذلك قوله : «ولا يعم» أعم من عدم البيان وبيان العدم ، ومن المعلوم : أن المقصود هنا هو الثاني ؛ إذ المفروض : دعوى دلالة الاستثناء على انتفاء حكم المستثنى منه عن المستثنى ، فعدم الشمول إنما هو لبيان العدم ، لا لقصور في الشمول ، بداهة : أن المستثنى منه بطبعه يشمل المستثنى موضوعا وحكما ، إلّا إن الاستثناء يدل على انتفاء حكم المستثنى منه عن المستثنى ، ولذا يكون الاستثناء من النفي إثباتا ، ومن الإثبات نفيا ، كما في هامش «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ٤٢٦».
(٤) أي : لدلالة الاستثناء على اختصاص الحكم بالمستثنى منه يكون الاستثناء من