الحال (١) لا دلالة له (٢) على مدعاه أصلا ، كما لا يخفى.
ومنه (٣) قد انقدح : إنه لا موقع للاستدلال على المدعي بقبول رسول الله «صلىاللهعليهوآله» إسلام من قال كلمة التوحيد ؛ لإمكان دعوى أن دلالتها على التوحيد كان بقرينة الحال أو المقال.
والإشكال في دلالتها عليه (٤) : بأن خبر لا إما يقدّر ممكن أو موجود ، وعلى كل تقدير لا دلالة لها عليه.
______________________________________________________
وكيف كان ؛ فقد علم مما ذكر : أن أدوات الاستثناء قد وضعت لاختصاص الحكم بالمستثنى منه ، واستعمالها في غير الاختصاص المذكور مجاز لغوي ، فلا دلالة لهذا الاستعمال على مدعى أبي حنيفة وهو عدم الدلالة على الاختصاص.
(١) يعني : عدم دلالة الاستثناء على الاختصاص.
(٢) أي : لا دلالة للاستعمال في المعنى المجازي على ما يدعيه أبو حنيفة ؛ من عدم دلالة الاستثناء على الاختصاص ، فقوله : «لا دلالة» خبر قوله : «بأن الاستعمال مع القرينة» ، ومعنى العبارة حينئذ : إن استعمال أداة الاستثناء مع القرينة في المعنى المجازي لا يدل على ما يدعيه أبو حنيفة من عدم دلالة الاستثناء على الاختصاص.
(٣) أي : من الجواب الثاني عن استدلال أبي حنيفة ـ وهو كون الاستعمال المجازي مع القرينة غير قادح في دلالة الاستثناء وضعا على الاختصاص ـ قد ظهر «إنه لا موقع للاستدلال على المدعي» وهو دلالة الاستثناء على الاختصاص.
ومقصود المصنف من هذا الكلام هو : التعريض بمن استدل بكلمة التوحيد على دلالة الاستثناء على اختصاص الحكم بالمستثنى منه ، وانتفائه عن المستثنى.
(٤) أي : الإشكال في دلالة كلمة الإخلاص على التوحيد.
تقريب الإشكال على الاستدلال بكلمة الإخلاص على التوحيد يتوقف على مقدمة وهي : أن المراد من التوحيد هو إثبات وجود إله واحد وهو الله «تبارك وتعالى» ، وامتناع غيره.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : إن كلمة الإخلاص أعني : لا إله إلا الله لا تدل على التوحيد ، سواء كان الخبر المقدر لكلمة «لا» النافية للجنس هو لفظ «ممكن» أو «موجود».
وأمّا على الأول فلا تدل كلمة الإخلاص إلا على إمكانه تعالى ؛ إذ معناها حينئذ : لا إله بممكن إلا الله ، فالمستثنى منه هي نفي الإمكان ، والمستثنى هو : ثبوت الإمكان ، ومن المعلوم : إن الإمكان لا يستلزم الوجود والفعلية ؛ لأن الإمكان أعم من الوجود ، والأعم لا يدل على الأخص ، فكلمة الإخلاص لا تدل على وجوده تعالى فعلا فضلا عن توحيده.