أصلا ، وقد عرفت : أن انتفاء شخصه ليس بمفهوم ، كما إن قضية التقييد بالعدد منطوقا عدم جواز الاقتصار على ما دونه ؛ لأنه ليس بذاك الخاص والمقيّد ، وأما الزيادة : فكالنقيصة إذا كان التقييد به للتحديد بالإضافة إلى كلا طرفيه.
نعم (١) ؛ لو كان لمجرّد التحديد بالنظر إلى طرفه الأقل لما كان في الزيادة ضير أصلا ، بل ربما كان فيها (٢) فضيلة وزيادة ، كما لا يخفى ، وكيف كان (٣) ؛ فليس عدم
______________________________________________________
الطرفين نحو قول الطبيب للمريض : «اشرب من هذا الدواء ست حبات في كل يوم» يكون للتحديد من كلا الطرفين ، بحيث لا ينفع الأقل منه ويضر الأكثر.
وكيف كان ؛ فإذا كان العدد في مقام التحديد بالنسبة إلى كلا طرفي الزيادة والنقيصة كانت الزيادة كالنقيصة قادحة ؛ لعدم كونها مأمورا بها.
والاحتمالات في التحديد والتقييد بالعدد المعيّن هي ثلاثة :
١ ـ أن يكون ناظرا إلى طرفي الزيادة والنقيصة معا ، كتسبيح الزهراء «عليهاالسلام» ، وقد عرفت قدح كل من الزيادة والنقيصة فيه.
٢ ـ أن يكون التحديد والتقييد بالعدد المعيّن ملحوظا بالنسبة إلى الأقل فقط ؛ كالعشرة بالنسبة إلى الإقامة للمسافر ، والثلاثة في الحيض ، وغيرهما من التحديدات الناظرة إلى الطرف الأقل ، مع عدم لحاظها بشرط لا بالإضافة إلى الزيادة ؛ فلا تقدح الزيادة في هذا القسم على العدد المقرر ؛ لأنه تحديد في جانب الأقل دون الأكثر.
٣ ـ أن يكون ناظرا إلى طرف الأكثر فقط ، بحيث يكون العدد بالنسبة إلى الزيادة بشرط لا ؛ كتحديد الحيض في طرف الكثرة بالعشرة ، فلا مانع من كونه أقل منها ، كأن يكون تسعة أو ثمانية إلى أن ينتهي إلى ثلاثة أيام.
إذا عرفت هذه الاحتمالات والموارد فاعلم : أن المتبع في كل مورد من هذه الأقسام الثلاثة هو ظاهر الدليل.
(١) يعني : قدح الزيادة يختص بما إذا كان التحديد بلحاظ الزيادة أيضا كالقسم الأول ، وأما إذا كان بالنسبة إلى الطرف الأقل فقط ـ كالقسم الثاني ـ فلا ضير في الزيادة.
(٢) أي : في الزيادة فضيلة وزيادة ؛ كما إذا كانت من المستحبات النفسية كذكر الركوع والسجود.
(٣) يعني : والتحديد بالعدد الذي تضمنه الدليل ـ من أي قسم من الأقسام المذكورة كان هذا العدد ـ لا يكون عدم الاجتزاء بغيره من باب دلالة المفهوم عليه ؛ بل من جهة عدم الموافقة لما أخذ في المنطوق متعلقا للحكم. فالنتيجة هي : عدم دلالة العدد على المفهوم.