عقلا ، خروجا عن عهدة ما تنجّز عليه سابقا ضرورة : أنّه لو لم يأت به لوقع في المحذور الأشدّ ، ونقض الغرض الأهمّ حيث إنّه الآن كما كان عليه من الملاك والمحبوبيّة ، بلا حدوث قصور أو طروء فتور فيه أصلا ، وإنّما كان سقوط الخطاب لأجل المانع ، وإلزام العقل به لذلك إرشادا كاف ؛ لا حاجة معه إلى بقاء الخطاب بالبعث إليه والإيجاب له فعلا ، فتدبّر جيدا.
وقد ظهر مما حققناه (١) : فساد القول بكونه مأمورا به مع إجراء حكم المعصية عليه
______________________________________________________
تركه ، فلا حاجة حينئذ إلى البعث الشرعي المولوي إلى التخلّص ، وكذا الكلام في الشرب ووجوب حفظ النفس. قوله : «فتدبّر جيّدا» تدقيقيّ فقط.
(١) يعني : «قد ظهر مما حققناه» ـ في جواب الشيخ القائل بكون الخروج مأمورا به فقط ، وقلنا : ببقاء الخروج المضطر إليه بسوء الاختيار على حكمه من الحرمة ـ أي : ظهر «فساد القول بكونه مأمورا به مع إجراء حكم المعصية عليه».
هذا الكلام من المصنف شروع في الرّد على صاحب الفصول القائل بكون الخروج مأمورا به ، مع إجراء حكم المعصية عليه. أما كونه مأمورا به : فنظرا إلى كونه مقدمة لواجب.
وأمّا إجراء حكم المعصية عليه : فنظرا إلى النهي السابق قبل الاضطرار.
أما وجه ظهور فساد قول الفصول ما تقدم من المصنف ؛ من أن الخروج باق على حرمته وليس مأمورا به لكون الاضطرار بسوء الاختيار ، وإنّما العقل ملزم للإتيان به هذا «مع ما فيه» أي : في هذا القول «من لزوم اتصاف فعل واحد بعنوان واحد بالوجوب والحرمة».
وحاصل الكلام في المقام : أنّ المصنف لمّا فرغ عن جواب الشيخ القائل بأنّ الخروج مأمور به فقط شرع في ردّ الفصول القائل بكونه مأمورا به مع جريان حكم المعصية عليه من العقاب وغيره وقد أورد المصنف على الفصول بوجهين :
أمّا الوجه الأوّل : فحاصله : أنّه قد ظهر ممّا بينّاه في القول المختار من بقاء النهي المتعلق بالمقدمة ـ كالخروج ـ على حاله ، وعدم صيرورتها مأمورا بها بالاضطرار فساد القول بكون الخروج مأمورا به مع جريان حكم المعصية عليه للنهي السابق الساقط بحدوث الاضطرار.
وجه الظهور : ما تقدم من أنّ الخروج باق على حرمته وليس بمأمور به لكون الاضطرار بسوء الاختيار ، فالخروج حرام حتى بعد حدوث الاضطرار ؛ وذلك لكونه بسوء الاختيار ، غاية الأمر : أنّ العقل إرشادا إلى أقلّ المحذورين يحكم بلزوم الخروج.