فصل
لا شبهة في أن للعموم صيغة تخصّه ـ لغة وشرعا ـ كالخصوص (١) ، كما يكون (٢)
______________________________________________________
في ألفاظ العموم
وقبل الخوض في البحث لا بد من تحرير محل النزاع فيقال : إنه لا خلاف في وجود لفظ موضوع للخصوص ؛ كالأعلام الشخصية ، ولا خلاف أيضا في وجود لفظ مشترك بين الخصوص والعموم ؛ وذلك كالمعرف باللام ، فإنها لو كانت للاستغراق كانت للعموم نحو : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ)(١) وإن كانت للعهد كانت للخصوص ، من دون فرق بين أن يكون العهد خارجيا نحو : «جاءني القاضي» ، أم ذهنيا نحو : (إِذْ هُما فِي الْغارِ)(٢) ، أم ذكريا نحو : (فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ)(٣) ، أم حضوريا نحو : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)(٤) وإنما الخلاف في وجود ألفاظ موضوعة للعموم فقط.
إذا عرفت محل النزاع فاعلم : أنه قد اختلفوا في صيغة تخص العموم على أقوال :
قول : بأن للعموم صيغة تخصّه ، وقول : بأن الصيغ المدّعاة للعموم موضوعة لخصوص الخصوص ، وقول : بأنها مشتركة لفظا بين العموم والخصوص ، وقول : بالتوقف.
والحق عند المصنف هو القول الأول ، ولذا يقول : «لا شبهة في أن للعموم صيغة تخصّه لغة وشرعا» ، أما لغة : فواضح. وأما شرعا : فبمعنى : إمضاء الشارع ، وعدم تصرفه في العمومات اللغوية في مقام تشريع الأحكام لها.
(١) أي : كما لا شبهة في أن للخصوص صيغة تخصّه ؛ كالأعلام الشخصية.
(٢) أي : كما يكون هناك لفظ مشترك بين العموم والخصوص ، فيكون استعماله في كل من العموم والخصوص على نحو الحقيقة ؛ وذلك كالمعرّف باللام ؛ لما عرفت : من أنه مع العهد للخصوص ، ومع الاستغراق للعموم.
__________________
(١) العصر : ٢.
(٢) التوبة : ٤٠.
(٣) المزمل : ١٦.
(٤) المائدة : ٣.