فصل
ربما عدّ من الألفاظ الدالة على العموم ؛ النكرة في سياق النفي أو النهي (١) ،
______________________________________________________
حول النكرة في سياق النفي أو النهي
(١) وقبل الدخول في أصل البحث ينبغي بيان أمرين :
أحدهما : بيان ما هو المقصود من عقد هذا الفصل ، بعد ما عرفت في الفصل السابق : أن للعموم صيغة تخصه ، ولا يعتد بخلاف من خالف.
وثانيهما : بيان ما هو محل النزاع في النكرة التي تفيد العموم.
وأما تفصيل الأمر الأول فيقال : إن المقصود من الكلام في الفصل السابق هو : إثبات الإيجاب الجزئي في مقابل السلب الكلي ، ويجعل المصنف في هذا الفصل النكرة الواقعة في سياق النفي أو النهي من موارد الإيجاب الجزئي المذكور في الفصل السابق ، فقد عدّ من صيغ العموم والأدوات الدالة عليه لفظة : كل ، وجميع ، وكافة وقاطبة. وقد عدّ أيضا ممّا يفيد العموم : النكرة في سياق النفي أو النهي ، كما في قولك : «ما ظلمت أحدا أو لا تظلم أحدا» هذا خلاصة الكلام في الأمر الأول.
وأما توضيح الأمر الثاني : ـ وهو بيان محل النزاع ـ فيتوقف على مقدمة وهي : أن النكرة تارة : يراد بها معناها المصطلح عند النحاة ، وهو اسم الجنس إذا دخل عليه التنوين وأفاد الوحدة نحو : «جاء رجل من أقصى المدينة» ، وأخرى : يراد بها مطلق اسم الجنس ، سواء كان مع التنوين نحو : «ما رأيت أحدا» ، أو بلا التنوين نحو : «لا رجل في الدار».
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن المراد بالنكرة في محل الكلام هو مطلق اسم الجنس إذا اخذت في الكلام مرسلة أي : مطلقة لا مبهمة ومهملة : لأن المهملة ـ كما في علم الميزان ـ في قوّة الجزئية ، فسلبها لا يقتضي عموم النفي لجميع أفرادها ، وإنما يقتضي عموم ما أريد منها يقينا وهو البعض.
وكيف كان ؛ فيقع الكلام في النكرة الواقعة في سياق النفي من جهات :
الأولى : في أصل دلالة النكرة في سياق النفي على العموم : الظاهر عدم الإشكال فيها ، كما أشار إليه بقوله : «دلالتها عليه لا ينبغي أن تنكر».