ودلالتها عليه لا ينبغي أن تنكر عقلا ، لضرورة : أنه لا يكاد يكون طبيعة معدومة ، إلا إذا لم يكن فرد منها بموجود ، وإلا كانت موجودة.
لكن لا يخفى : أنها تفيده إذا أخذت مرسلة لا مبهمة قابلة للتقييد ، وإلا (١) فسلبها
______________________________________________________
٣ ـ الطبيعة المهملة : بأن لم يكن المقام مقام البيان ، فهذا القسم ـ وإن كان في مقام الثبوت يرجع إلى أحد الأولين لأن المتكلم إمّا يريد المطلق أو المقيّد ـ إلّا إنه في مقام الإثبات مجمل مردّد ، فلا يفيد العموم أصلا.
الثالثة : أن العموم المستفاد من الطبيعة في المقام تابع في السعة والضيق لما أريد من المدخول ـ أعني : مدخول النفي أو النهي ـ كما عرفت من الأقسام الثلاثة للطبيعة ، فإن أريد منه الشياع كان الشمول والسريان في جميع أفراده ، وإن أريد منه صنف خاص كان في جميع أفراد هذا الصنف من غير فرق في ناحية العموم.
ولكن هل يحتاج إحراز الشياع إلى جريان مقدمات الحكمة في المدخول ، حتى يكون العموم وسيعا أو لا بل كلمة «ما» قرينة عند العرف على إرادة العموم؟
ظاهر المصنف هو : عدم الحاجة إلى مقدمات الحكمة في عموم ما أريد من المدخول ، فالنكرة في سياق النفي تفيد العموم بالنسبة إلى الأفراد المرادة إن مطلقا فمطلق ، وإن مقيدا فمقيد.
وأما بالنسبة إلى ما يصلح انطباق الطبيعة عليه من أفرادها : فالعموم فيها يتوقف على جريان مقدمات الحكمة في المدخول ليحرز به المطلق.
ومن هنا ظهر : أن استيعاب السلب لخصوص ما أريد من المدخول لا ينافي كون دلالة النكرة في حيّز النفي أو النهي على العموم عقلية ؛ لأن الدلالة العقلية على العموم إنّما هي بالنسبة إلى ما يراد من النكرة ، فإن أريد بها نفي الطبيعة المرسلة : كان المسلوب عموم أفراد الطبيعة المطلقة ، وإن أريد بها نفي الطبيعة المقيدة بقيد : كان المسلوب خصوص أفراد الطبيعة المقيدة ، لا جميع أفراد التي تصلح الطبيعة المطلقة للانطباق عليها.
فحينئذ يندفع توهم التنافي بين كون دلالة النكرة في سياق النفي على العموم عقلية ، وبين استيعاب السلب لخصوص ما يراد منها لا غيره من سائر الأفراد ؛ بتقريب : أن الدلالة العقلية تقتضي عموم السلب لجميع افراد الطبيعة لا خصوص ما أريد منها ، وقد عرفت عدم التنافي.
(١) أي : وإن لم تؤخذ الطبيعة مرسلة ومطلقة ، بل أخذت مبهمة ومهملة ، فسلبها لا