وهذا (١) هو الحال المحلى باللام جمعا كان أو مفردا ـ بناء على إفادته للعموم ـ ولذا (٢) لا ينافيه تقييد المدخول بالوصف وغيره ، وإطلاق (٣) التخصيص على تقييده
______________________________________________________
وأما إذا كانت لمجرّد الإشارة إلى الماهية والطبيعة فهي للعموم أيضا ، لكن إذا اقتضته مقدمات الحكمة مثل : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) ، أي : أحلّ الله كل فرد من أفراد البيع إلا ما خرج بالدليل ، وحرّم كل فرد من أفراد الربا إلا ما خرج بالدليل.
(١) أي : ما ذكر في النكرة الواقعة في سياق النفي والنهي ، ولفظ «كل» ؛ من كون العموم والاستيعاب تابعا للمدخول جار بعينه في المحلّى باللام ، جمعا كان أو مفردا ـ بناء على إفادته العموم ـ فإذا قال : «أكرم العلماء» وجب إكرام كل فرد من أفراد العلماء ، وإذا قال : «أكرم العلماء العدول» وجب إكرام كل منهم إذا اتصف بالعدالة ؛ لا كل عالم وإن لم يتصف بها. وكذا المفرد المحلى باللام ، فإن كان مطلقا نحو : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) كان كل فرد من أفراد البيع حلالا.
(٢) يعني : ولأجل تبعية العموم لما أريد من المدخول لا ينافي العموم تقييد المدخول بالوصف ؛ كالعدول في المثال المزبور ، وغير الوصف كقوله : «أكرم العلماء إن كانوا عدولا» ، أو «إلا الفساق منهم» ، كما أشار إليه بقوله «وغيره».
(٣) قوله : «وإطلاق التخصيص على تقييده» دفع لما يتوهم من : أنه لو كان اللام لعموم المراد من أفراد المدخول لم يصدق في مثل : «أكرم العلماء العدول» أنه مخصّص ؛ لأن التخصيص عبارة عن تضييق دائرة العموم في فرض ثبوته ، فإنّ التخصيص فرع أن يكون هناك عموم وشمول أوسع من المخصص ، والحال إنه ليس الأمر كذلك ؛ إذ المفروض : أنه ليس هناك عموم أوسع من المقيد والمخصص حتى تتضيق دائرته بذكر التقييد بالوصف ، فكيف يطلق عليه التخصيص؟
وحاصل الدفع : إن إطلاق التخصيص على تقييده ليس إلا من قبيل «ضيّق فم الركية» أي : البئر ، فكما أن معنى «ضيّق» في المثال : إحداثه ضيّقا من الأول ـ لا تضييقه بعد ما كان موسعا ـ فكذلك في المقام ، فإن معنى تخصيص المحلى ـ إذا كان مقيدا بالوصف ـ حدوثه مخصصا من الأول ؛ لا أنه مما يطرأ عليه التخصيص بعد العموم ، فليس المراد من التخصيص المعنى المصطلح أعني : التضييق بعد ثبوت العموم والسعة ؛ بل معناه : أن المحلى باللام المقيّد بالوصف مضيّق من الأول ، فإطلاق التخصيص بهذا المعنى لا ينافي القول بأن المحلّى باللام لعموم المراد من المدخول ، فلا منافاة بين كون اللام لعموم المراد من أفراد المدخول ، وبين صدق أنه مخصص ومقيّد فيما إذا كان المحلى باللام مقيدا بالوصف ، كما في المثال المذكور.