واحتج النافي (١) بالإجمال ؛ لتعدد المجازات حسب مراتب الخصوصيات ، وتعيين الباقي من بينها بلا معيّن ترجيح بلا مرجّح.
______________________________________________________
وأما في المنفصل : فلعدم مانع عن حجيّته في الباقي ، ضرورة : أن ظهور العام في العموم قد انعقد وصار حجة فيه ، فلا ترفع اليد عن حجيّته فيه إلا بحجة أقوى ، وهي ظهور المخصص المنفصل بمقدار يزاحمه فيه وهو ما علم دخوله في المخصص.
وهناك صورة ثالثة ، وهي : ما احتمل دخوله في المخصص فيما إذا كان منفصلا وصورة رابعة وهي : ما احتمل دخوله في المخصص فيما إذا كان متصلا ، وقد حكم المصنف بحجيّة العام في الباقي في الصورة الثالثة دون الصورة الرابعة ؛ وذلك لانعقاد ظهور العام في العموم في الصورة الثالثة ، وعدم انعقاد ظهوره في العموم في الصورة الرابعة.
فالمتحصل : أن المخصص إما متصل وإما منفصل ، وعلى التقديرين : إما معلوم عدم دخوله في المخصص ، وإما محتمل دخوله فيه ، فالحاصل من ضرب الاثنين في الاثنين هو أربعة ، فقد حكم المصنف بحجيّة العام في الباقي في ثلاثة منها.
(١) يعني : احتج النافي للحجيّة مطلقا : بأنّ العام حقيقة في العموم ، وبعد تخصيصه لم يكن العام ـ وهو المعنى الحقيقي ـ مرادا ، فيصير مجازا ، وحيث إن المجازات متعددة ـ حسب مراتب الخاص ـ يصير اللفظ مجملا ، فلا يحمل على شيء منها ؛ للزوم الترجيح بلا مرجّح ، فيبقى اللفظ مترددا بين جميع مراتب الخاص ، وبعضها فيسقط عن الحجية أي : فلا يكون حجة في شيء منها ، من غير فرق في ذلك بين كون المخصص متصلا أو منفصلا.
قوله : «لتعدد المجازات» تعليل للإجمال ؛ إذ بعد تعدد المجازات وعدم مرجّح لبعضهما على الآخر يصير العام مجملا ، إذ لم يعلم ما أريد منه بعد التخصيص ، فيسقط عن الحجية.
لا يقال : إنه إذا تعذرت الحقيقة وتعددت المجازات فأقرب المجازات إلى الحقيقة أولى بالإرادة من غيره ، وعليه : يكون تمام الباقي أولى بالإرادة ؛ إذ هو أقرب إلى الحقيقة ، فيكون حجة في تمام الباقي.
فإنه يقال : إن تعيين تمام الباقي من بين مراتب الخاص بلا معيّن وترجيح بلا مرجّح ؛ إذ لا فرق بينه وبين غيره من مراتب الخاص من حيث المجازية. هذا مضافا إلى : أن أولوية