أفراده غير منوطة بدلالته على فرد آخر من أفراده ولو كانت دلالة مجازية ؛ إذ (١) هي بواسطة عدم شموله للأفراد المخصوصة ، لا بواسطة دخول غيرها في مدلوله ، فالمقتضي للحمل على الباقي موجود ، والمانع مفقود ؛ لأن المانع في مثل المقام إنما هو ما يوجب صرف اللفظ عن مدلوله ، والمفروض انتفاؤه بالنسبة إلى الباقي لاختصاص المخصص بغيره ، فلو شك فالأصل عدمه (٢). انتهى موضع الحاجة (*).
قلت (٣) : لا يخفى : أن دلالته على كل فرد إنما كانت لأجل دلالته على العموم
______________________________________________________
حاصله : أنّا نسلم أن الباقي مجاز كسائر مراتب الخصوصيات ولكنه متعيّن من بينها لا من جهة كونه أقرب المجازات ، بل من جهة وجود المقتضي للحمل عليه وفقد المانع عنه ، وأما وجود المقتضي فهو دلالة على فرد آخر ، لأن المناط في دلالته على كل واحد من أفراده هو : انطباق معناه عليه ، وهو موجود في دلالة العام عليه ؛ لأنّ دلالة العام على كل فرد من أفراده ، فإذا لم يدل على فرد لخروجه عنه بدليل خاص لم يستلزم ذلك عدم دلالته على بقية الأفراد ، فلو كان للعام مائة فرد وخرج عنه عشرون فردا لم يقدح ذلك في دلالته على الباقي ، وإن كانت الدلالة على الباقي مجازية. كما هو مدعى النافي فإنه يدعي كون استعمال العام في الباقي مجازا.
وجه عدم القدح : أن المجازية لم توجب إلا قصور دلالة العام على أفراد الخاص ، فلا يشمل الأفراد الخارجة عنه بالتخصيص ، وأما دلالته على غير ما خرج عنه من الأفراد فهي باقية على حالها ؛ إذ ليس المعنى الحقيقي ـ وهو العموم ـ مباينا للمعنى المجازي حتى تتفاوت الدلالة فيهما.
فالمتحصل : أن المقتضي لدلالة العام على كل فرد من أفراده بالاستقلال ـ وهو الانطباق ـ موجود ، والمانع مفقود ، ومع الشك في وجوده يرجع إلى الأصل. هذا ما أشار إليه بقوله : «فالمقتضي للحمل على الباقي موجود والمانع مفقود».
(١) تعليل لقوله : «ولو كانت» ، وضمير «هي» راجع إلى المجازية ، ومعنى العبارة : أن المجازية إنما تنشأ من ناحية خروج أفراد المخصص عن العام ؛ ولا تنشأ من دخول غير أفراد المخصص في مدلول العام حتى يكون المعنى المجازي مباينا للمعنى الحقيقي ، وتكون مباينتهما موجبة لتفاوت دلالة العام قبل التخصيص وبعده.
(٢) يعني : عدم ما يوجب صرف اللفظ عن مدلوله.
(٣) وحاصل جواب المصنف عن التقريرات : هو أن دلالة العام على أفراده إنما كان
__________________
(*) مطارح الأنظار ، ج ٢ ، ص ١٣٢.