وإن لم يكن كذلك (١) بأن كان دائرا بين المتباينين مطلقا ، أو بين الأقل والأكثر فيما كان متصلا ، فيسري إجماله (٢) إليه حكما في المنفصل المردّد بين المتباينين ، وحقيقة في غيره (٣) : أمّا الأول (٤) : فلأن العام (٥) ـ على ما حققناه ـ كان ظاهرا في عمومه ؛ إلا أنه لا يتبع ظهوره في واحد من المتباينين اللذين علم تخصيصه بأحدهما.
______________________________________________________
(١) أي : بأن لم يكن الخاص مردّدا بين الأقل والأكثر ، مع انفصاله عن العام «بأن كام دائرا بين المتباينين مطلقا» أي : سواء كان المخصص متصلا أو منفصلا ، أو كان مردّدا بين الأقل والأكثر مع اتصال المخصص.
(٢) يعني : فيسري إجمال الخاص إلى العام حكما ، ولكن فيما إذا كان المخصص المردد بين المتباينين منفصلا ، فترتفع حجية العام بمعنى : أن العام وإن انعقد له ظهور في العموم إلّا إن هذا الظهور ليس بحجة ؛ لعدم كونه مرادا بعد العلم الإجمالي بالتخصيص بأحد المتباينين. هذا إشارة إلى الصورة الرابعة من صور المجمل المفهومي.
(٣) يعني : ويسري إجمال الخاص إلى العام حقيقة في غير المخصص المنفصل يعني : في المخصص المتصل ، سواء كان مرددا بين المتباينين أو بين الأقل والأكثر.
فلا ينعقد ظهور العام في العموم. وهذا إشارة إلى الصورة الأولى والثانية من صور المجمل المفهومي.
(٤) يعني : قوله : «فيسري إجماله إليه حكما في المنفصل المردد بين المتباينين».
(٥) تعليل لسراية إجمال الخاص إلى العام ، فلا يجوز التمسك بالعام.
وحاصل التعليل : أن وجه عدم جواز التمسك بالعام ـ مع انعقاد ظهوره في العموم ـ هو العلم الإجمالي بتخصيص العام بأحد المتباينين ، مع عدم تيقّن تخصيصه بأحدهما بالخصوص ، وعدم مرجّح لأحدهما ، فلا محالة يسقط العام عن الحجية ، لعدم جريان أصالة الحقيقة حينئذ في العام مع هذا العلم الإجمالي وإن كان نفس الظهور باقيا ، فإجمال الخاص لا يسري إلى نفس الظهور حتى يرفعه ، بل يسري إلى حجيته فيرفعها. هذا معنى السراية حكما.
وبعبارة أخرى : أنه لا إشكال في عدم حجية العام في كلا المتباينين إذا كان المخصص المنفصل مرددا بين المتباينين ؛ وذلك لوجهين :
أحدهما : أن حجية العام إنما تكون ببناء العقلاء المعبّر عنها بأصالة العموم ، وهي لا تجري بالنسبة إلى كلا الفردين لتعارض الأصلين فيهما للعلم الإجمالي بخروج أحدهما عن عموم العام. وعليه : فلا دليل على ثبوت حكم العام في أحد الفردين.
وثانيهما : أن التخصيص يكشف عن تضييق دائرة حجية العام واختصاصها بغير