وأما الثاني (١) : فلعدم انعقاد ظهور من رأس للعام ، لاحتفاف الكلام بما يوجب احتماله لكل واحد من الأقل والأكثر ، أو لكل واحد من المتباينين ؛ لكنه حجة في الأقل ، لأنه المتيقن في البين :
فانقدح بذلك (٢) : الفرق بين المتصل والمنفصل ، وكذا في المجمل بين المتباينين
______________________________________________________
«زيد» المردد بين شخصين ، فالعام حجة في غير «زيد» ، وعليه : فكل من المتباينين يشك في انطباق العام بما هو حجة عليه.
(١) أعني : قوله : «وحقيقة في غيره» ، يعني : سراية إجمال الخاص إلى العام حقيقة في غير المنفصل المردد بين المتباينين وهو الخاص المتصل المردد بين المتباينين ، والمتصل المردد بين الأقل والأكثر ، والوجه في سراية إجمال الخاص إلى العام حقيقة هو : ما أشار إليه بقوله : «لاحتفاف» يعني : احتفاف العام بالخاص المجمل يوجب إجمال العام ، وعدم انعقاد ظهور له في العموم ، فيرجع في المردد بين الأقل والأكثر إلى المتيقن ـ وهو الاجتناب عن جميع المعاصي ـ في نحو : «أكرم العلماء إلا الفساق منهم» ؛ لأنه المتيقن من مفهوم الفسق ، وقوله : «لاحتفاف» تعليل لعدم انعقاد الظهور للعام.
وأما الخاص المردد بين المتباينين : فليس فيه متيقن حتى يكون العام حجة فيه ، كزيد المشترك بين شخصين في نحو : «أكرم العلماء إلا زيدا» ، فيرجع فيه إلى ما تقتضيه الأصول العملية ، فيترك إكرامهما احتياطا لعدم جريان البراءة في مورد العلم الإجمالي.
(٢) أي : انقدح وظهر ـ بما ذكر من بيان أحكام الصور الأربع في الشبهة المفهومية ـ الفرق بين المخصص المتصل وبين المخصص المنفصل.
وحاصل الفرق بينهما : هو سراية الإجمال إلى العام ، المانع عن انعقاد ظهور له في العموم في المتصل ، وارتفاع الحجية عن ظهوره في العموم ، مع تحقق أصله في المنفصل ، وكذلك انقدح بما ذكرنا ـ من حكم الصور الأربع ـ الفرق بين المخصص المردد بين المتباينين والمخصص المردد بين الأقل والأكثر.
وحاصل الفرق : أنه لا يجوز التمسك بالعام في المجمل المردد بين المتباينين مطلقا وإن كان منفصلا ؛ لما عرفت : من سراية الإجمال إلى العام حقيقة في المتصل ، وحكما في المنفصل.
بخلاف المجمل المردد بين الأقل والأكثر ، حيث يجوز التمسك بالعام فيما إذا كان المخصص منفصلا ، لانعقاد الظهور له في العموم ، وعدم مانع عن حجيته في الأفراد التي يشك في انطباق الخاص عليها.