وأما (١) إذا كان مجملا بحسب المصداق ، بأن اشتبه فرد وتردّد بين أن يكون فردا له (٢) أو باقيا تحت العام ؛ فلا كلام في عدم جواز التمسك بالعام لو كان متصلا به ، ضرورة (٣) : عدم انعقاد ظهور للكلام إلا في الخصوص ، كما عرفت.
______________________________________________________
إجمال مفهوم الفاسق في الأخذ بإطلاق العام لحالاته وطواريه التي يصح تقييده بها. هذا تمام الكلام في اندفاع التوهم الأول.
وأما الثاني : فلوضوح الفرق بين المتباينين والأقل والأكثر ، حيث إن الشك في التخصيص بالأكثر شك في التخصيص الزائد على ما علم تخصيصه به ، ولا إشكال حينئذ في الرجوع إلى أصالة العموم ، ومعه لا تصل النوبة إلى الأصول العملية.
وهذا بخلاف المخصص المردد مفهومه بين المتباينين ، فإن العلم الإجمالي بتخصيص العام بأحدهما مانع عن الرجوع إلى أصالة العموم ، وهذا المانع مفقود في الأقل والأكثر ، كما في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ٥٠٣» مع تصرّف وتوضيح منا. هذا تمام الكلام في أحكام صور الشبهة المفهومية.
الكلام في الشبهة المصداقية
(١) هذا عطف على قوله في أول الفصل : إذا كان الخاص بحسب المفهوم مجملا ، فالأولى إسقاط «أما» بأن يقول : وإذا كان الخاص مجملا بحسب المصداق.
(٢) يعني : أن يكون ما يتردد فردا للخاص ، كما إذا اشتبه لأجل الأمور الخارجية فرد الخاص بغيره كتردد زيد العالم بين زيد العادل والفاسق لظلمة أو غيرها من الأمور الخارجية.
وحاصل ما أفاده المصنف : إنه لمّا فرغ عن بيان الشبهة المفهومية شرع في بيان أحكام الشبهة المصداقية ، ولها أربع صور كما عرفت ، وتوضيح ذلك : أنه إن كان الخاص متصلا بالعام فلا كلام في عدم جواز التمسك بالعام لإثبات حكم هذا الفرد المشتبه ؛ لعدم انعقاد ظهور له في العموم ، بل لا ظهور للكلام إلا في الخصوص ، فإذا قال : «أكرم العلماء إلا فساقهم» فكأنه قال : «لا تكرم فساق العلماء» ، فإذا كان الفرد الخارجي كزيد العالم مشتبها بين كونه عادلا أو فاسقا لا يجوز التمسك بالعام لإثبات حكمه لهذا الفرد المردد ، إذ لا عموم للعام بالنسبة إلى الفرد المشتبه المشكوك عدالة وفسقا ، والمانع عن التمسك به هو عدم إحراز فردية ما يحتمل انطباق الخاص عليه للعام.
(٣) تعليل لعدم جواز التمسك بالعام في المصداق المشتبه.
وحاصل التعليل : أنه لا ظهور للعام في العموم حتى يصح التمسك به في الفرد