وأما إذا كان (١) منفصلا عنه ، ففي جواز التمسك به خلاف.
______________________________________________________
المشتبه ؛ بل لا ظهور له إلا في الخصوص أعني : العالم غير الفاسق ولم يحرز كون الفرد المشتبه فردا للعام بما هو حجة ولا يخفى : أنه كما لا يكون العام في الفرد المشتبه حجة كذلك لا يكون الخاص حجة فيه ؛ لأن فردية المشتبه للخاص أيضا مشكوكة ، وحينئذ فالمرجع فيه الأصول العملية.
(١) أي : إذا كان المخصص المجمل مصداقا ـ سواء كان دائرا بين المتباينين أو الأقل والأكثر ـ منفصلا عن العام ؛ ففي جواز التمسك بالعام خلاف بين الأعلام ، والمشهور هو جواز التمسك به بعد انعقاد ظهوره في العموم مع انفصال الخاص عنه ، ولا مانع عن حجيته إلا بالنسبة إلى ما يكون الخاص حجة فعلية فيه ؛ وهو الأفراد التي يعلم انطباق الخاص عليها ـ كمرتكب الكبيرة ـ فيما إذا كان الخاص دالا على حرمة إكرام فساق العلماء ، ففي الأفراد التي لا يعلم انطباق مفهوم الخاص عليها ـ كمرتكب الصغيرة ـ لا يكون الخاص حجة فيها حتى يزاحم حجية العام فيها ؛ لعدم إحراز موضوعه ، وجواز التمسك بدليل منوط بإحراز موضوعه ، وعليه : فيجوز التمسك بالعام في مرتكب الصغيرة ، فلا يكون الخاص حجة فيما اشتبه أنه من أفراده كالفرد المشكوك دخوله تحت الخاص ، فخطاب «لا تكرم فساق العلماء» لا يكون دليلا على حرمة إكرام من شك في فسقه من العلماء ، فلا يزاحم نحو : «لا تكرم فساق العلماء» مثل : «أكرم العلماء» في الفرد المشكوك ولا يعارضه فيه ، فإن الخاص لو زاحمه فيه أو عارضه فيه على الفرض فهو من قبيل مزاحمة غير الحجة بالحجة ، ومعارضة الدليل والحجة بغير الدليل والحجة في غاية البطلان والفساد.
هذا غاية ما يمكن أن يستدل به على جواز التمسك بالعام بالنسبة إلى الفرد المشتبه ؛ إلّا إن الحق عند المصنف هو : عدم جواز التمسك بالعام بالنسبة إلى الفرد المشتبه حيث قال : «والتحقيق عدم جوازه».
وقد أجاب المصنف عن استدلال جواز التمسك بالعام بقوله : «وهو في غاية الفساد» بتقريب : أن الخاص المنفصل وإن لم يكن حجة فعلا في الفرد المشتبه ـ لعدم إحراز موضوعه ـ إلّا إنه يوجب سقوط العام عن الحجية ، واختصاص الحجية بغير عنوان الخاص من الأفراد ؛ لأن الخاص يوجب تعنون العام ـ كالعلماء ـ بغير عنوان الخاص ـ كالفاسق في المثال السابق ـ فيكون موضوع وجوب الإكرام في نحو : «أكرم العلماء» هو العالم غير الفاسق فقط ، فكأنّه قيل من أول الأمر : «أكرم العلماء غير الفسّاق» ، فالفاسق الواقعي قد خرج عن تحت العام يقينا ، والمصداق المشتبه كزيد العالم وإن كان مصداقا للعام بما