لم يؤخذ في موضوعاتها حكم أصلا ، فإذا شك في جوازه صح التمسك بعموم دليلها (١) في الحكم بجوازها (٢) ، وإذا كانت (٣) محكومة بعناوينها الأولية بغير
______________________________________________________
بعد إحراز القدرة عليه في القسم الأوّل من قسمي ثبوت الحكم للشيء بعنوانه الثانوي وهو : ثبوت الحكم له بعنوانه الثانوي مطلقا أي : من دون اشتراطه بثبوت حكم خاص له بعنوانه الأولي كحرمة الفعل الضرري ، حيث إنها ثابتة للضرر الذي هو عنوان ثانوي من دون اعتبار حكم خاص للفعل بعنوانه الأولي ، فإذا فرضنا عدم دليل على دخل الرجحان في المنذور في انعقاد النذر ، أو الإباحة في موضوع وجوب إطاعة الوالد ، وشككنا في اعتبارهما فيهما ، فلا مانع من التمسك بعموم دليلي وجوب الوفاء بالنذر ، وإطاعة الوالد لوجوبهما ؛ لكون الشك حينئذ شكا في التخصيص ، فلا مانع من التمسك بعمومهما لنفي اعتبار الرجحان والإباحة في موضوعيّ النذر والإطاعة.
والضمائر في «جوازه» و «منه» و «عليه» راجعة إلى شيء ، وفي «به» راجع إلى عموم.
قوله : «لم يؤخذ في موضوعاتها حكم أصلا» يعني : فيما لم يؤخذ في موضوعات الأحكام بعناوينها الثانوية حكم من الأحكام الخمسة أصلا. هذا إشارة إلى ثبوت الحكم للشيء بعنوانه الثانوي مطلقا ، بلا اشتراط كونه محكوما بحكم خاص بعنوانه الأوّلي ، بل الحكم الثانوي كان واردا على جميع الأحكام الأولية.
(١) يعني : بعموم دليل أحكام الموضوعات بعناوينها الثانوية «في الحكم بجوازها».
(٢) أي بجواز الشيء ـ وكان الأولى تذكير الضمير ـ فلو فرض أنه شك في جواز الوضوء بمائع مضاف ، وتعلق به النذر ، ولم يثبت جوازه بالعنوان الأوّلي ، فلا بأس حينئذ بالتمسك بعموم دليل وجوب الوفاء بالنذر ، وإثبات جوازه به.
(٣) يعني : وإذا كانت موضوعات الأحكام محكومة بعناوينها الأولية بغير الأحكام الثابتة لها بالعناوين الثانوية ، والمقصود هو : بيان مطلب جديد غير ما تقدم ومضى.
وتوضيح ذلك : أن الحكم بعنوانه الأولي قد يكون لا اقتضائيا فلا يعارض الحكم بعنوانه الثانوي الاقتضائي ، مثلا : حلية الماء لا اقتضائي ، ولهذا لا تعارض حرمته الطارئة لنهي الوالد عن شربه ، أو وجوبه الطارئ لتوقف الحياة عليه ، وهذا مما لا إشكال فيه إذ لا تعارض في البين.
وقد يكون الشيء بالعنوان الأوّلي مشكوك الحكم ، فحينئذ يجوز ارتكابه بلحاظ الحكم الثابت له بالعنوان الثانوي بلا مزاحمة أصلا.
وقد يكون العنوان الأوّلي معلوم الحكم ـ كوجوب الوضوء ـ فإنه إذ طرأ عليه عنوان الضرر ، وصار الوضوء ضرريا ، فلا محالة يقع التزاحم بين مقتضي الوجوب ومقتضي