يتمكّن من إتيانهما كذلك (١) قبله إلا أنه (٢) يتمكن منه بعده ، ولا يعتبر في صحة النذر إلا التمكن من الوفاء ولو بسببه ، فتأمّل جيّدا.
بقي شيء (٣) وهو : أنه هل يجوز التمسك بأصالة عدم التخصيص في إحراز عدم
______________________________________________________
عبادية للصوم والإحرام ، فلا يتمكن من الإتيان بهما على وجه العبادة ، فلا يتعلق به ، لأنه غير مقدور وعدم تعلقه به يكشف عن كفاية الرجحان الناشئ من قبل النذر في صحته.
(١) أي : على وجه العبادة.
(٢) إشارة إلى دفع الاشكال المزبور.
وحاصل الدفع : أن الإتيان بهما كذلك قبل النذر وإن كان غير مقدور ، ولكن المعتبر في النذر عقلا هو : القدرة على المنذور حين العمل في ظرف الوفاء بالنذر ؛ لا حين عقد النذر أو قبله ، ومن المعلوم : أنه حين العمل بالنذر يتمكن الناذر من الإتيان بهما متقربا إلى الله تعالى ؛ وذلك لوجوبهما بسبب النذر ، فعدم القدرة حين النذر أو قبله لم يقدح في تعلق النذر بهما لكفاية القدرة الحاصلة لهما بعد تعلق النذر بهما ، الموجبة لرجحانهما ، وعباديتهما بعده ، فيصح الإتيان بهما على وجه العبادة.
وقد أشار إليه بقوله : «ولو بسببه» أي : بسبب النذر ؛ إذ المعتبر من الرجحان المقرّب ما يكون حاصلا في ظرف الفعل ، إذ به يكون المنذور مقدورا في ظرف الوفاء بالنذر ، وهذا المقدار من القدرة كاف في صحة النذر.
ثم الفرق بين الوجوه الثلاثة ظاهر ؛ إذ الأول : ناظر إلى وجود الملاك قبل النذر ، والثاني : إلى وجوده حين النذر لا بسببه ؛ بل بانطباق عنوان راجح على المنذور ملازم لتعلق النذر لكشف دليل صحة النذر عن ذلك العنوان ، وهذان الوجهان مبنيان على الالتزام برجحان المنذور من غير ناحية النذر. والثالث : ناظر إلى عدم اعتبار رجحان المنذور بتخصيص عموم ما دل على اعتبار الرجحان قبل النذر ، والاكتفاء برجحانه وبعده ولو بسببه.
قوله : «فتأمل جيدا» تدقيقي بقرينة «جيدا» ، أو إشارة إلى : أن اعتبار القدرة على المنذور حين العمل مستلزم للدور ؛ لأن النذر يتوقف على القدرة بإتيان المنذور حين العمل ، والقدرة حين العمل تتوقف على النذر على حسب الفرض ، فيلزم الدور الباطل.
في دوران الأمر بين التخصيص والتخصّص
(٣) توضيح ذلك : أنه إذا قال المولى : «أكرم العلماء» ، ثم علمنا من خطاب آخر أو