دليل هاهنا إلا السيرة وبناء العقلاء ، ولم يعلم استقرار بنائهم على ذلك ، فلا تغفل.
______________________________________________________
قوله : «ولم يعلم استقرار بنائهم على ذلك» يعني : على إحراز أن ما شك في فرديته للعام ليس فردا له ؛ بل استقر بناؤهم فقط على إحراز حكم العام لما علم كونه فردا له ، وشك في خروجه عن حكمه بالتخصيص ، فيرجعون فيه إلى أصالة عدم التخصيص.
خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدسسره»
يتلخص البحث في أمور :
١ ـ الغرض من عقد هذا الفصل هو : بيان حكم العام المخصص بالمخصص المجمل مفهوما أو مصداقا ، وهذا من أهم مباحث العام والخاص ، والاحتمالات في المخصص المجمل ثمانية ؛ أربع صور منها تسمى بالشبهات المفهومية ، وأربع صور تسمى بالشبهات المصداقية.
أما صور الشبهات المفهومية فهي كالتالي :
الأولى : أن يكون المخصص متصلا مردّدا بين الأقل والأكثر.
الثانية : أن يكون متصلا مرددا بين المتباينين.
الثالثة : أن يكون منفصلا مرددا بين الأقل والأكثر.
الرابعة : أن يكون منفصلا مرددا بين المتباينين.
وحكم الصورة الأولى والثانية : هو سراية إجمال المخصص إلى العام حقيقة ، بمعنى : أن المخصص يمنع عن انعقاد ظهور العام في العموم.
وأما حكم الصورة الثالثة : فهو عدم سراية إجمال المخصص إلى العام أصلا.
وحكم الصورة الرابعة : هو السراية حكما فقط ، بمعنى : أن الخاص يزاحم حجية العام فيسقط العام عن الحجية.
أما صور الشبهات المصداقية : فحكم الصورة الأولى والثانية : هو عدم جواز التمسك بعموم العام ، وفي جواز التمسك بالعام في الصورتين الأخيرتين خلاف ، الحق عند المصنف عدم الجواز. هذا فيما إذا كان المخصص المجمل لفظيا.
٢ ـ وأما إذا كان لبيا كإجماع أو سيرة أو حكم العقل : فلا يجوز التمسك بالعام إن كان المخصص في غاية الوضوح في اتكال المتكلم عليه ؛ كما لو اجتمع أعداء المولى في داره ليقتلوه ، وكان أبناؤه حاضرين عنده يدافع عنه بعضهم ، فقال المولى لعبده : «اقتل كل من في الدار» فإن العقل يخصص الابن عن هذا الحكم ، فهو كالمتصل لا ينعقد معه ظهور العام في العموم.