فصل
هل الخطابات الشفاهية (١) مثل : (يا أيّها المؤمنون) تختص بالحاضر مجلس التخاطب ، أو تعمّ غيره من الغائبين ؛ بل المعدومين؟
______________________________________________________
الخطابات الشفاهية
(١) المراد بالخطابات الشفاهية ظاهرا هو : الكلام المقرون بأداة الخطاب ؛ كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا*) ، و (يا أَيُّهَا النَّاسُ*) ونحوهما ، فما في كلام المصنف «قدسسره» من مثل : «يا أيها المؤمنون» مجرّد التمثيل ، فلا تشمل مثل قوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)(١) مما لا يكون مقرونا بأداة الخطاب ، فالكلام في الخطابات الشفاهية غير المختصة بمخاطب خاص.
وكيف كان ؛ فقد ذكر المصنف أن الكلام يمكن أن يقع في جهات ثلاثة :
الأولى : في صحة تعلق التكليف ـ الذي يشتمل عليه الخطاب ـ بالمعدومين بأن يقال : إن التكليف ـ الذي يتضمنه الخطاب ـ هل يصح تعلقه بالمعدومين أم لا؟ فالنزاع حقيقة في صحّة تكليف المعدوم.
الثانية : في صحة مخاطبة غير الحاضرين من الغائبين والمعدومين بأن يقال : إن الخطاب بما هو خطاب أعني به : توجيه الكلام نحو الغير بالأداة ـ نحو : (يا أَيُّهَا النَّاسُ*) ـ هل يصح أن يتوجّه إلى المعدومين أم لا؟
الثالثة : في عموم الألفاظ الواقعة عقيب أداة الخطاب لغير الحاضرين من الغائبين ، بل المعدومين ، وعدم عمومها لهم بقرينة الأداة ، بأن يقال : إن الألفاظ الواقعة عقيب أدوات الخطاب تشمل بعمومها المعدومين ، أو تصير الأدوات قرينة على اختصاصها بالحاضرين في مجلس التخاطب.
ثم ذكر المصنف وقال : «إن النزاع على الوجهين الأوليين يكون عقليا ، وعلى الوجه الأخير لغويا» ، فإن الوجه الأخير ـ وهو شمول الألفاظ الواقعة عقيب أداة الخطاب
__________________
(١) آل عمران : ١٩٧.