الغصب دليلان يجب إعمالهما ، ولا موجب للتقييد عقلا ، لعدم استحالة كون الخروج واجبا وحراما باعتبارين مختلفين ، إذ منشأ الاستحالة : إمّا لزوم اجتماع الضدين وهو غير لازم مع تعدد الجهة ، وإمّا لزوم التكليف بما لا يطاق وهو ليس بمحال إذا كان مسبّبا عن سوء الاختيار ؛ وذلك لما عرفت : من ثبوت الموجب للتقييد عقلا ولو كان بعنوانين ، وأنّ اجتماع الضدين لازم ولو مع تعدد الجهة ، مع عدم تعددها هاهنا ، والتكليف بما لا يطاق محال على كل حال.
نعم ؛ لو كان بسوء الاختيار لا يسقط العقاب بسقوط التكليف بالتحريم أو الإيجاب.
ثم لا يخفى : أنّه لا إشكال في صحة الصلاة مطلقا (١) في الدار المغصوبة على
______________________________________________________
وكيف كان ؛ فعلى الفرض الأوّل : يكون الخروج واجبا فقط ، وعلى الفرض الثاني : يكون حراما فقط. هذا أوّلا. وثانيا : أن التكليف بما لا يطاق قبيح عقلا سواء كان مسبّبا عن سوء الاختيار أم لم يكن. نعم ؛ لو كان مسبّبا عن سوء الاختيار سقط التكليف ولا يسقط العقاب ؛ لأنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا لا خطابا بمعنى : إن المضطرّ إلى الحرام بالاختيار غير مخاطب فعلا ، ولكن هو معاقب. فيصحّ عقابه عليه عقلا ، ولا يصحّ خطابه به فعلا للاضطرار المسقط للتكليف ، فالقول بكون الخروج مأمورا ، به ومنهيا عنه لا يرجع إلى محصل صحيح.
قوله : «نعم لو كان بسوء الاختيار ...» إلخ استدراك على عدم الفرق في استحالة التكليف بما لا يطاق بين كونه بسوء الاختيار وعدمه وحاصله : ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ١٨٧» ـ أنّ الفارق بينهما هو استحقاق العقوبة إذا كان بسوء الاختيار ، وعدم استحقاقها إذا لم يكن كذلك. وأمّا سقوط الخطاب : فهو
مشترك بين الصورتين ، ولذا اختار المصنف كون الخروج منهيا عنه بالنهي السابق الساقط بحدوث الاضطرار ، وعدم كونه مأمورا به.
في ثمرة الأقوال
(١) أي : في حالتي الاضطرار والاختيار.
بعد ما فرغ المصنف من ذكر الأقوال وما فيها من الردّ والإشكال ، شرع في بيان ثمرة تلك الأقوال فقال : «إنّه لا إشكال في صحة الصلاة مطلقا في الدار المغصوبة» ، من غير فرق بين كون الصلاة مع الاضطرار إلى الغصب بأن حبسه الظالم فيها ، أو بدون الاضطرار إليه بأن دخل فيها بسوء الاختيار ، وبين كونها في حال الخروج أو في حال