وتعالى» ينشئ على وفق الحكمة والمصلحة (١) ، طلب شيء قانونا (٢) من الموجود والمعدوم حين (٣) الخطاب ، ليصير فعليا بعد ما وجد الشرائط وفقد الموانع ، بلا حاجة إلى إنشاء آخر ، فتدبر.
______________________________________________________
عقلائي يخرجه عن اللغوية ، ولو كان ذلك الغرض تقليل الإنشاءات ، أو قلّة فرصة المولى لإنشاء الحكم لكل واحد من المكلفين ، فينشئ الحكم بإنشاء واحد على الجميع بنحو القضية الحقيقية ؛ لأن شأن القضية الحقيقية : فرض وجود الموضوع ، وجعل الحكم له ، من غير فرق في ذلك بين وجود الموضوع وعدمه. هذا ما أشار إليه بقوله : «فإن الإنشاء خفيف المئونة ؛ لعدم توقفه على وجود المكلف أو قدرته ؛ بل يكفي فيه مجرّد غرض عقلائي لئلا يلزم لغويته».
(١) وهي الملاك الموجود في المطلوب الداعي إلى التشريع.
(٢) أي : بنحو القضية الحقيقية التي تشمل المعدومين ، فإن الطلب الإنشائي يشملهم من دون محذور ؛ كما هو شأن القوانين الكلية العرفية.
(٣) قيد للمعدوم ، يعني : ينشئ الحكيم طلب شيء قانونا من الموجود والمعدوم حين الخطاب.
نعم ؛ هناك وجود محاذير ثلاثة في مجموع الوجوه الثلاثة ، قد نبه عليها المصنف «قدسسره» ، وقد ذكرت هذه المحاذير في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ٥٨٤». حيث قال ما هذا لفظه :
المحذور الأول : امتناع تعلّق البعث ، أو الزجر الفعلي بالمعدومين ؛ لاستلزامه الطلب منهم حقيقة ، والطلب الحقيقي من المعدوم غير معقول. وهذا المحذور مشترك الورود بين الوجه الأوّل والثالث ، أما في الأول : فواضح. وأما في الثالث : فلأنه لو فرض عموم الألفاظ الواقعة بعد الأدوات للمعدومين ، فمعنى ذلك : توجّه التكليف إليهم ، ومن الواضح : امتناع بعث المعدوم إلى الصلاة والصوم ونحوهما ، أو زجره عن شرب الخمر مثلا.
المحذور الثاني : عدم صحة توجيه الكلام إلى الغير حقيقة إلا إذا كان موجودا ، وملتفتا إلى توجّه الكلام إليه ، وهذا المحذور مشترك بين الوجهين الأولين. أما الأول : فلأن التكليف توجيه الكلام إلى الغير بالبعث أو الزجر ، وهو ممتنع بالنسبة إلى المعدومين بالضرورة كما تقدم.
وأما الثاني : فلأن الخطاب معناه : توجيه الكلام إلى الغير ، وهو أيضا ممتنع في حق المعدومين بالبداهة.