فصل
هل تعقّب العام بضمير يرجع إلى بعض أفراده يوجب تخصيصه به أو لا؟
فيه خلاف بين الأعلام ، وليكن محل الخلاف ما إذا وقعا في كلامين ، أو في كلام واحد مع استقلال العام بما حكم عليه في الكلام ، كما في قوله تبارك وتعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ) ، إلى قوله : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ) ، وأما ما إذا كان مثل : المطلقات أزواجهنّ أحق بردهنّ ، فلا شبهة في تخصيصه به.
______________________________________________________
في تعقّب العام بضمير يرجع إلى بعض أفراده
وقبل الخوض في البحث لا بد من تحرير محل النزاع ، وتوضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن العام تارة يكون مستقلا بالحكم ، ويكون مستغنيا عن الضمير في مقام موضوعيته للحكم ؛ بأن يكون العام في الكلام موضوعا لحكم ، ويكون تعقّبه بضمير يرجع إليه محكوما بحكم آخر ، ثم علم من الخارج اختصاص الحكم الثاني ببعض أفراد العام ، من دون فرق بين أن يكون العام والضمير في كلامين أو في كلام واحد.
فالأول : كقوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ)(١) ، وقوله تعالى : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ)(٢) ، فالضمير في (وَبُعُولَتُهُنَ) يرجع إلى خصوص الرجعيات ، مع إن كلمة (الْمُطَلَّقاتُ) تعم الرجعيات والبائنات.
والثاني : كقول المولى لعبده : «أكرم العلماء وواحدا من أصدقائهم» ، مع فرض عود الضمير في «أصدقائهم» إلى خصوص العدول من العلماء ، فكأنّه قيل :
«أكرم العلماء وواحدا من أصدقاء العلماء العدول».
وأخرى : أن لا يكون العام مستقلا بالحكم ؛ بل كان حكمه حكم الضمير ، مثل : «المطلقات أزواجهن أحقّ بردّهن» ، حيث أن العام ـ مع الغض عن جملة «وأزواجهن» ـ لا يكون موضوعا للحكم وهو الأحقيّة بالرّد ، إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن محل النزاع هو القسم الأول ، وأما القسم الثاني : فلا نزاع في تخصيص العام بالضمير ، فيكون
__________________
(١ ـ ٢) جزء من آية ٢٢٨ من سورة البقرة.