يكن في البين أظهر ، وإلا (١) فهو المعول ، والقرينة على التصرف في الآخر بما (٢) لا يخالفه بحسب العمل.
______________________________________________________
(١) أي : وإن كان في البين أظهر ، فهو المعوّل ؛ لما تقرر في محلّه من تقدّم الأظهر على الظاهر لكونه جمعا عرفيا ، فيكون الأظهر قرينة على التصرف في الآخر.
(٢) أي : بتصرف لا يخالف الأظهر بحسب العمل ، كالحمل على الكراهة في مثل قولهم : «يجوز إكرام الشعراء» ، و «أكرم الشعراء العدول» ، فإن مفهومه وهو : «لا تكرم الشعراء الفساق» يحمل على الكراهة حتى لا ينافي العام وهو «يجوز إكرام الشعراء» بحسب العمل. هذا تمام الكلام في تخصيص العام بالمفهوم المخالف.
خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدسسره»
يتلخص البحث في أمور :
١ ـ محل الخلاف هو المفهوم المخالف للمنطوق في الإيجاب والسلب.
ولا خلاف في تخصيص العام بالمفهوم الموافق ، فإذا قال : «لا تقل أفّ للأبوين ولو كانا فاسقين» كان مفهومه الموافق : حرمة إهانتهما ، فيخصّص به عموم : «أهن الفاسق» بلا خلاف أصلا ، وإنما الخلاف في تخصيص العام بالمفهوم المخالف مثل : ما إذا قال : «أكرم العلماء» ، ثم قال : «أكرم زيدا العالم إن كان عادلا» ، ومفهومه المخالف : أنّه «لا يجب إكرامه إن لم يكن عادلا» ، فقيل : يخصّص به عموم «أكرم العلماء» ؛ لأنهما دليلان شرعيان يجب العمل بهما بحمل العام على الخاص من باب الجمع بين الدليلين.
وفيه : أن الجمع بين الدليلين بحمل العام على الخاص إنما يتم فيما إذا كان الخاص أقوى دلالة من العام ، والخصوصية لا تستلزم القوة دائما ؛ بل العام المنطوقي أقوى من الخاص المفهومي ، هذا هو الإشكال في دليل الجواز.
وأما الإشكال في دليل المنع : فلأن المفهوم وإن كان بمقتضى طبعه أضعف من المنطوق ، ولكن قد تعرضه جهة تجعله أقوى دلالة من المنطوق وهي أخصيّة المفهوم مدلولا ، هذا ما أشار إليه بقوله : «وقد استدل لكل منهما ..» إلخ.
٢ ـ تحقيق المقام : أن ما له العموم وما له المفهوم إن كانا بحيث يصلح كل منهما قرينة صارفة عن الآخر لوقوعهما في كلام واحد ، أو في كلامين بمنزلة كلام واحد ، وكانت دلالتهما بالوضع نحو : «أكرم العلماء وزيدا العالم إن كان عادلا» ، أو «أكرم العلماء وأكرم زيدا العالم إن كان عادلا».
أو كانت دلالة كل منهما بمقدمات الحكمة ، نحو : «أكرم العالم وزيدا العالم إن كان