ناحية الأداة بحسب المعنى ، كان الموضوع له في الحروف عاما أو خاصا ، وكان (١) المستعمل فيه الأداة فيما كان المستثنى منه متعددا هو المستعمل فيه فيما كان واحدا ، كما هو الحال في المستثنى (٢) بلا ريب ولا إشكال. وتعدد المخرج أو المخرج عنه خارجا لا يوجب تعدد ما استعمل فيه أداة الإخراج مفهوما وبذلك (٣) يظهر : إنه لا ظهور لها في الرجوع إلى الجميع أو خصوص الأخيرة ؛ وإن كان الرجوع إليها متيقنا على كل تقدير (٤).
______________________________________________________
ولا يتفاوت هذا المعنى بين تعدد المخرج والمخرج عنه ووحدتهما ، فلو كان الموضوع له في الأدوات خاصا لما كان تعدد المستثنى والمستثنى منه مضرّا بالإخراج الشخصي ، حيث إن نسبة الإخراج وإن كانت شخصية ، لكنها باعتبار تعدد أطرافها تنحل إلى نسب ضمنية ، إذ جزئية النسبة لا تنافي انحلالها. وعليه : فلا مانع من صحة رجوع الاستثناء إلى الكل ولو قيل بوضع الأدوات لجزئيات النسبة الإخراجية.
(١) الظاهر : أنه عطف على قوله : «أن تعدد» ، فيؤوّل بالمصدر ، فكأنه قيل : ضرورة : أن تعدد المستثنى منه .. إلخ ، وضرورة : كون المستعمل فيه الأداة في صورة تعدد المستثنى منه هو المستعمل فيه في صورة وحدة المستثنى منه.
(٢) أي : كما لا فرق بين وحدة المستثنى وتعدده.
وحاصل الكلام في المقام : أن أداة الاستثناء تستعمل في نسبة الإخراج ، سواء كانت هذه النسبة بين متحدين مثل : «أكرم العلماء إلا زيدا» ، حيث إن كلا من المستثنى والمستثنى منه واحد ، أم بين متعددين مثل : «أكرم العلماء والصلحاء إلا الفساق والشعراء» ، أم بين مختلفين مثل : «أكرم العلماء إلا النحويين والصرفيين والفلاسفة».
وكيف كان ؛ فتعدد المخرج والمخرج عنه يعني : المستثنى والمستثنى منه خارجا ـ كالأمثلة المذكورة ـ لا يوجب تعدد النسبة الإخراجية التي تستعمل فيها أداة الاستثناء بحسب المفهوم ، ولا يصادم جزئيتها كما عرفت ؛ بل مفهوم الأداة ـ وهي النسبة الإخراجية ـ واحد ، سواء اتحد المستثنى والمستثنى منه ، أم تعددا ، أم اختلفا. وقد عرفت أمثلة ذلك.
(٣) أي : وبعدم تفاوت في ناحية الأداة بين تعدد المستثنى والمستثنى منه ووحدتهما يظهر : إنه لا ظهور لأداة الاستثناء في الرجوع إلى الجميع ، أو خصوص الأخيرة ؛ إذ بعد وضوح صحة الرجوع إلى الجميع وإلى خصوص الأخيرة لا بد من إثبات ظهور الأداة في الرجوع إلى أحدهما من قرينة ؛ لأن مجرد صلاحية الرجوع كذلك لا يثبت الظهور.
(٤) أي : سواء قلنا بظهور أداة الاستثناء في الرجوع إلى الجميع أم لا. أما وجه تيقّن