بالإطلاق ـ أقوى من ظهور العام ولو كان بالوضع ، كما لا يخفى هذا فيما علم تاريخهما (١).
وأما لو جهل ، وتردد بين أن يكون الخاص بعد حضور وقت العمل بالعام وقبل حضوره : فالوجه هو الرجوع إلى الأصول العملية.
وكثرة التخصيص ، وندرة النسخ ـ هاهنا ـ وإن كانا يوجبان الظن بالتخصيص أيضا (٢) ،
______________________________________________________
مقدمات الحكمة ـ أقوى من ظهور العام في عمومه الأفرادي ، ولو كان هذا الظهور وضعيا ، فيقدم الخاص على العام من باب التخصيص ، فالعلماء في قوله : «أكرم العلماء» مثلا ظاهر بحسب الوضع في كل فرد من أفراد العلماء ، سواء كان عادلا أم فاسقا ، وقوله : «ولا تكرم فساق العلماء» ظاهر ـ بالإطلاق الناشئ من مقدمات الحكمة ـ في الدوام والاستمرار ، فلو قدّم العام على الخاص كان مقتضى تقديمه عليه عدم استمرار حرمة فساقهم ، ولو انعكس وقدم الخاص على العام فمقتضاه : انحفاظ ظهور الخاص في الاستمرار ، وعدم بقاء العام على عمومه ، وخروج بعض أفراده عن حيّزه ، فيدور الأمر بين أحد هذين الأمرين ، وحيث إن ظهور الخاص في الاستمرار ـ وإن كان بالإطلاق ـ معتضد بشيوع التخصيص ، فيصير أقوى من ظهور العام في عمومه الأفرادي ولو كان بالوضع فيقدم على ظهور العام ؛ لوضوح تقدم الأقوى ظهورا على الأضعف ، كما في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ٦٥٢».
(١) أي : تاريخ الخاص والعام ، ولا يعلم أن الخاص وارد قبل حضور وقت العمل بالعام كي يكون مخصصا له ، أو بعده كي يكون ناسخا له ، أو يكون العام واردا بعد وقت العمل بالخاص حتى يكون ناسخا ، أو مقارنا معه كي يكون الخاص مخصصا له. فحينئذ يحكم بإجمالهما ، ويرجع إلى الأصول العملية لا إلى التخصيص ، ولا إلى النسخ كما هو الشأن في جميع موارد إجمال الدليل.
هذا ما أشار إليه بقوله : «فالوجه هو الرجوع إلى الأصول العملية» ، فيرجع في مثال : «أكرم الشعراء ولا تكرم فساقهم» إلى أصل البراءة عن حرمة إكرام الشاعر الفاسق.
(٢) أي : كصورة تأخر العام عن العمل بالخاص.
وحاصل الكلام في المقام : أن قوله : «وكثرة التخصيص» دفع لما يتوهم من : أن كثرة التخصيص موجبة لترجيح احتمال التخصيص على النسخ كالصورة الخامسة المتقدمة ـ وهي تأخر العام عن العمل بالخاص ـ التي حكم المصنف فيها بالتخصيص ؛ لشيوعه وندرة النسخ ؛ لأن الشيوع موجود هنا أيضا ، فيكون مرجحا للتخصيص على النسخ والأصول العملية ، فلا فرق في الحكم بالتخصيص وبين الجهل بالتاريخ وبين العلم بتأخر