العام في عموم الأفراد أقوى من ظهور الخاص في الدوام ؛ لما أشير إليه من تعارف التخصيص وشيوعه ، وندرة النسخ جدّا في الأحكام. ولا بأس بصرف عنان الكلام إلى ما هو نخبة القول في النسخ (١).
______________________________________________________
أكثر الأفراد ، فإنه على النسخ لا ضير فيه ، بخلاف التخصيص.
ومنها : ما يمكن أن يكون من موارد ظهور الثمرة ، وهو ما إذا كان الخاص ظنيا والعام قطعيا ، وقلنا بعدم جواز نسخ القطعي بالظني ، فإنه يحمل على التخصيص.
في النسخ
(١) ولمّا انجر الكلام إلى النسخ فلا بأس بصرف عنان الكلام إلى ما هو منتخب القول في النسخ ، فاعلم : أن النسخ في اللغة وإن كان الإزالة ، ومنه «نسخت الشمس الظل» أي : أزالته إلّا إنه في الاصطلاح : بمعنى رفع أمر ثابت في الشريعة المقدسة بارتفاع أمده وزمانه ، من دون فرق بين أن يكون ذلك الأمر الثابت حكما تكليفيا ، أو وضعيا ، فارتفاع الحكم بارتفاع موضوعه كارتفاع وجوب الصلاة بخروج وقتها ، وارتفاع وجوب الصوم بانتهاء شهر رمضان المبارك ليس من النسخ بشيء ، فالنسخ وإن كان رفع الحكم الثابت بالدليل الأول «إثباتا» أي : بحسب ظاهر دلالة الدليل الثاني ، «إلا إنه في الحقيقة» ليس رفعا ؛ بل «دفع الحكم ثبوتا» أي : بحسب الواقع ؛ لأن الدليل الناسخ كاشف عن عدم المقتضي لدوام الحكم ثبوتا ، وأن أمده ينقضي ، وإن كان ظاهر الدليل الأول يقتضي دوامه واستمراره ؛ ولكن اقتضت الحكمة إخفاء أمد الحكم في بداية الأمر ، مع إنه بحسب الواقع له أمد وغاية إذا كان النسخ بعد حضور وقت العمل ، أو اقتضت الحكمة أصل إنشاء الحكم وإقراره ، مع إنه في الواقع ليس للحكم قرار وثبات إذا كان النسخ قبل حضور وقت العمل.
وكيف كان ؛ فالنسخ دفع ثبوتا وإن كان رفعا إثباتا ، وذلك فإن النبي «صلىاللهعليهوآله» الصادع أي : القاضي للشرع ربّما يلهم من قبل الله تعالى أو يوحى إليه أن يظهر الحكم ، وأن يظهر استمراره للناس ، مع علمه على حقيقة الحال ، وأنه سينسخ في الاستقبال ، أو مع عدم علمه على نسخ الحكم في الاستقبال لعدم إحاطة النبي «صلىاللهعليهوآله» بتمام ما جرى في علم الله تعالى ، فقد أمر الله تعالى إبراهيم الخليل بذبح ولده إسماعيل ، مع عدم كون المأمور به مرادا جديا للمولى في الواقع ، ومع عدم علم الخليل بالنسخ.
فالمتحصل : أن النسخ بحسب الحقيقة والواقع يكون دفعا وإن كان بحسب الظاهر