فصل
عرّف المطلق بأنه : ما دلّ على شائع في جنسه.
______________________________________________________
المطلق والمقيد
قبل الخوض في البحث ينبغي بيان ما هو المراد بالمطلق والمقيد في المقام. فيقال : إن الظاهر أنه ليس للقوم اصطلاح خاص في هذين اللفظين ، بل مرادهم بهما هو المعنى اللغوي أعني : «المرسل» وخلافه ، ويتصف بكل منهما كل من اللفظ والمعنى ، فيقال : لفظ مطلق ومعنى مطلق ، أو لفظ مقيد ومعنى كذلك.
وعلى هذا فلا وجه لتعريف المطلق والمقيد بما هو المذكور في كتب القوم ، ثم الإشكال عليه بعدم الاطراد تارة والانعكاس أخرى.
وكيف كان ؛ فيقع الكلام تارة : في تعريف المطلق ، وأخرى : في كيفية تقسيم اللفظ إلى المطلق والمقيد.
وثالثة : فيما ذكروا للمطلق من أمثلة.
وأما الكلام في تعريف المطلق : فقد عرّفوا المطلق بأنه «ما دل على شائع في جنسه» ، والمراد من الجنس ليس الجنس المنطقي ولا اسم الجنس النحوي ؛ بل المراد معناه العرفي الشامل للحقائق الخارجية والأمور الانتزاعية والاعتبارية ، فيكون المراد بالجنس كل كلّي له مصاديق وإن كان في اصطلاح أهل الميزان يسمى بالنوع أو غيره ، ولذا قيل في تفسير التعريف المذكور : «إنه حصة محتملة لحصص كثيرة مما يندرج تحت أمر مشترك ، فالمراد بالشائع ـ على هذا التفسير ـ هو الكلّي المضاف إلى قيد ، كالنكرة ، فإنّها تدل على طبيعة مقيدة بالوحدة المفهومية قابلة للانطباق على جميع الحصص المندرجة تحت هذه الطبيعة ، ضرورة : أن الحصة هي الطبيعة مع قيد الإضافة إلى شيء من القيود كالوحدة ، فيصدق هذا التعريف على النكرة الواقعة في حيّز الأوامر مثل : «أكرم عالما» ، بداهة : أنّه يصدق على كل فرد من أفراد طبيعة العالم ، غاية الأمر : أنّ صدقه على جميع الأفراد يكون على نحو البدلية لا العرضية ؛ لمنافاة تقيّد الطبيعة بالوحدة لصدقها على الأفراد عرضا.