برجل ، ولا إشكال أن المفهوم منها في الأول ولو بنحو تعدد الدال والمدلول هو : الفرد المعين في الواقع المجهول عند المخاطب المحتمل الانطباق على غير واحد من أفراد
______________________________________________________
اسم الجنس هو النكرة قبل دخول التنوين ، والنكرة هي اسم الجنس الداخل عليه تنوين التنكير ؛ لأن اسم الجنس قبل دخول التنوين عليه يدل على نفس الطبيعة ، كما أن النكرة بلا تنوين تدل على نفس الطبيعة ، والتنوين الداخل عليها يدل على الوحدة ، فمفاد النكرة المنوّنة هو : الطبيعة المقيدة بقيد الوحدة ، فيصح أن يقال : إن اسم الجنس هو النكرة قبل التنوين ، والنكرة هي اسم الجنس الداخل عليه تنوين التنكير.
فالمستفاد من اسم الجنس : هو نفس الطبيعة ، ومن التنوين الوحدة المفهومية ، ومفاد المجموع هو الطبيعة المقيدة بالوحدة المفهومية بنحو تعدد الدال والمدلول ، بمعنى : دلالة النكرة على نفس الطبيعة ، ودلالة التنوين الداخل عليها على الوحدة.
إذا عرفت ما هو المراد بالنكرة فاعلم : أنه قد اختلفوا في مدلول النكرة ـ أي : ما يكون نكرة بالحمل الشائع كلفظ رجل مع التنوين ـ على أقوال ؛ فذهب بعض : إلى أن مدلول النكرة مثل : «رجل» جزئي وشخصي ، غاية الأمر : أنه لا يكون شخصا معيّنا ؛ بل يكون مردّدا بين الأشخاص والجزئيات ، وإلا يخرج عن كونه نكرة ، ويصير معرفة ، ولذلك عبّر عنه بأنه فرد مردّد بين الأفراد ، والدليل على جزئيته هو : تقييده بالوحدة ، فلا يصدق إلا على واحد من الأفراد ، مع إن الكلي لا يمتنع صدقه على كثيرين.
وذهب بعض آخر إلى أن مفاد النكرة مثل : لفظ «رجل» كلّي مطلقا ، سواء كان متعلقا للأخبار كما في «جاء رجل» ، أم متعلقا للإنشاء كما في «جئني برجل» ؛ بلا تفاوت في نفس مدلول لفظ النكرة أصلا.
والوجه في ذلك : أن مدلول لفظ «رجل» هو الطبيعة المقيّدة بمفهوم الوحدة ، فلا فرق بين المقامين ، وما يتراءى من الفرق بينهما إنما يكون خارجا عن مفاد اللفظ وهو في مقام ثبوت الحكم له ، فإن القضية الخبرية لما كانت حاكية عن ثبوت الحكم المحكي مثل المجيء لموضوع الحكم ، وثبوت المحمول للموضوع خارجا يكون بشخصه ووجوده يتراءى من لفظ «رجل» أنه خال من الشخص ، مع إنه مستعمل في معناه الكلي ، وهذا بخلاف القضية الإنشائية فإن الحكم الإنشائي فيها إنما يكون ثابتا للطبيعة في الذهن ، ومتعلقا بها قبل وجودها لنفسها ولو باعتبار وجودها ، وهذان القولان متخالفان بالتباين.
وذهب المصنف «قدسسره» على ما هو ظاهر كلامه : إلى التفصيل بين ما إذا وقعت النكرة في الإنشاء تلو الأمر مثلا : نحو : «جئني برجل» ، فتبقى على كليتها ، وتكون قابلة للانطباق على كثيرين ، وبين ما إذا وقعت في الإخبار مثل : «جاء رجل من أقصى