الرجل ، كما أنه في الثاني ، هي الطبيعة المأخوذة مع قيد الوحدة ، فيكون (١) حصة من الرجل ، ويكون كليا ينطبق على كثيرين لا فردا مرددا بين الأفراد.
______________________________________________________
المدينة» ، أو «جاءني رجل» ، أو «أي رجل جاءك» فتخرج عن القابلية المذكورة ، وتعيّنت في فرد معين في الواقع المجهول عند المخاطب كما في المثال الأول ، أو معين عند المتكلم كما في المثال الثاني. أو معين عند الخطاب كما في المثال الثالث.
والدليل على هذا التفصيل : أن الإخبار عن مجيء رجل في مثل : «جاءني رجل» يستلزم تعين فرد من طبيعة الرجل واقعا ، وإن كان المخاطب جاهلا به ، ولجهله به يكون الفرد المخبر بمجيئه محتمل الانطباق على غير واحد من الأفراد كزيد وعمرو وبكر. ومن هنا يعلم : أن القول بوضع النكرة للفرد المردد في الخارج ـ وهو القول الأول ـ فاسد جدّا ؛ إذ لا وجود للفرد المردد في الخارج نظرا إلى ما هو المعروف بين الفلاسفة من «أن الشيء ما لم يتشخص لم يوجد» ، فكل ما هو موجود في الخارج متعين لا مردد بين نفسه وغيره ؛ لأنه غير معقول ، هذا بخلاف ما إذا وقعت في الإنشاء نحو : «جئني برجل» ، حيث إن المفهوم من «رجل» هو الطبيعة المقيدة بمفهوم الوحدة ، وهو كلّي لكلية مفهوم الوحدة كنفس الطبيعة وانضمام كلي إلى مثله لا يوجب كون رجل جزئيا.
ومن هنا يعلم : عدم التنافي بين القول الثاني وبين تفصيل المصنّف ؛ لأن مقتضى الأول هو الكلية في مقام الثبوت وتعلق الحكم ، ومقتضى الثاني : هو الجزئية في مقام الإثبات ، وتحقق الحكم للموضوع في الخارج.
وكيف كان ؛ فقد أشار المصنف إلى التفصيل بقوله : «ولا إشكال أن المفهوم منها في الأول» وهو «رجل» في «جاء رجل» هو الفرد المعين «ولو بنحو تعدد الدال والمدلول» ؛ بأن تكون النكرة دالة على نفس الطبيعة ، والتنوين الداخل عليها دالا على الوحدة ، «كما أنه في الثاني» أي : كما أن المفهوم من النكرة «في الثاني» أي : في مثل : «رجل» في «جئني برجل» هي الطبيعة المقيدة بقيد الوحدة القابلة للانطباق على كل فرد على البدل ؛ لا ما قيل من : أن النكرة هي الفرد المردد ، ضرورة : أنها بمعنى الفرد المردد لا تنطبق على شيء من الأفراد ، حيث إن كل فرد في الخارج هو نفسه لا هو أو غيره ، كما هو قضية الفرد المردّد.
وعليه : فلا يتصوّر للفرد المردد مصداق ؛ ضرورة : امتناع انطباق عنوان الفرد المردد ـ بما هو مردّد ـ على الخارجيات ؛ لأن الأفراد الخارجية متعيّنة لا تردد فيها حتى تكون مصاديق لعنوان الفرد المردد.
(١) هذا متفرع على كون المفهوم من النكرة الطبيعة المأخوذة مع قيد الوحدة. يعني :