ثالثتها :
انتفاء القدر المتيقن في مقام التخاطب ، ولو كان المتيقّن بملاحظة الخارج عن ذاك المقام في البين ، فإنه غير مؤثر في رفع الإخلال بالغرض ـ لو كان بصدد البيان ـ كما هو الفرض فإنه (١) فيما تحققت لو لم يرد الشياع لأخل بغرضه ، حيث (٢) إنّه لم ينبّه
______________________________________________________
وتوضيح ذلك ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ٧١٧» : ـ أن المتيقن ـ في غير مقام التخاطب ـ لو كان مرادا للمتكلم ، وأطلق الكلام ، ولم ينصب قرينة على كون ذلك المتيقن مراده لأخلّ بغرضه ؛ إذ ليس له أن يعتمد في تفهيم مراده على هذا التيقّن ، حيث إنه ليس كل متيقن صالحا للقرينية ، وإنّما الصالح لها ما ينفهم من الكلام الملقى إلى المخاطب ؛ إذ المفروض : كون المتكلم في مقام البيان بحسب مقام التخاطب ، فالمؤثر في رفع الإخلال بالغرض لا بد أن يكون المتيقن بحسب هذا المقام أيضا ؛ لا المتيقّن الخارجي الأجنبي عنه.
والحاصل : أن المتيقن في مقام التخاطب صالح للقرينية ـ بحيث لو أراده المتكلم وأطلق الكلام لم يلزم إخلال بغرضه ـ لصحة الاعتماد على هذا المتيقن لانفهامه عرفا من الكلام ، بخلاف المتيقن الخارجي ، فإنه لأجنبيته عن مقام التخاطب لا يصح الركون إليه في مقام التفهيم ، فلو كانت الرقبة المؤمنة موضوعا للحكم ، وكانت في مقام الامتثال مجزئة قطعا ؛ لكن لم تكن متيقنة من نفس الكلام : كان الإطلاق حينئذ مخلا بالغرض ؛ لعدم كون هذا التيقن بيانا لذلك الغرض هذا ما أشار إليه بقوله : «كما هو الفرض» يعني : كما أن المفروض كون المتكلم في مقام البيان بالخطاب.
(١) يعني : فإن المتكلم فيما تحققت مقدمات الحكمة ؛ لو لم يرد الشياع الذي هو المطلق لأخلّ بغرضه ، بتقريب : أنه مع تمامية المقدمات الثلاث المذكورة لو لم يرد المتكلم الإطلاق ، وأراد المقيّد لكان مخلا بغرضه ، لما مرّ من عدم كون المطلق بيانا للمقيّد حتى يصح الاتكال عليه ، وأن بيانية المطلق للمقيّد منحصرة بالمتيقّن التخاطبي كما عرفت. وحيث إن الإخلال بالغرض قبيح فلا محيص عن إرادة الإطلاق.
(٢) تعليل للإخلال بالغرض ، بيانه : أن المتكلم مع كونه بصدد البيان إذا لم يبيّن المقيد ولم يكن المطلق بيانا له ، فالإطلاق مراد في عالم الإثبات ، وهو دليل إنّي على كونه مرادا في عالم الثبوت أيضا من دون تخصّصه بخصوصية خاصة ، فيتطابق الإثبات والثبوت. والضمير في «يبينه» راجع إلى غرضه. وضمير «إنه» و «بصدده» راجعان إلى المتكلم.