بقي شيء (١) : وهو أنه لا يبعد أن يكون الأصل فيما إذا شك في كون المتكلم في مقام بيان تمام المراد ، هو كونه بصدد بيانه ، وذلك لما جرت عليه سيرة أهل المحاورات
______________________________________________________
بالقرينة. قوله : «إلى» متعلق بقوله : «تحتاج» أي : دلالة النكرة مثل اسم الجنس على الشياع تحتاج إلى مقدمات الحكمة.
الأصل كون المتكلم في مقام البيان
(١) الغرض منه هو : بيان ما هو الأصل عند الشك في كون المتكلم في مقام البيان ، وقبل الخوض في بحث الأصل ينبغي بيان مورد هذا الأصل ، وتوضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي أن هناك صور واحتمالات :
الصورة الأولى : هو إحراز كون المتكلم في مقام بيان تمام مراده.
الصورة الثانية : إحراز عدم كونه في مقام بيان تمام مراده ؛ بل كان في مقام الإجمال أو الإهمال.
الصورة الثالثة : إذا شك في كون المتكلم في مقام بيان تمام المراد.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن مورد الأصل هو الصورة الثالثة ؛ إذ لا شك في التمسك بالإطلاق في الصورة الأولى ، كما لا ريب في عدم التمسك بالإطلاق في الصورة الثانية.
وإنما الكلام في التمسك بالإطلاق في الصورة الثالثة ، بمعنى : أنه لمّا كان من مقدمات الحكمة التي يتوقف عليها الإطلاق : كون المتكلم في مقام بيان تمام مراده ، وكان إحرازه بالعلم في كثير من الموارد في غاية الصعوبة ، صار المصنف بصدد إثبات ذلك في موارد الشك بالأصل بمعنى : أن مقتضى الأصل هو : كون المتكلم في مقام البيان عند الشك في ذلك ، ويقول المصنف : لا يبعد أن يكون الأصل والقاعدة كون المتكلم في مقام البيان ، فيصح التمسك بالإطلاق. ووجه هذا الأصل ما أشار إليه بقوله : «وذلك لما جرت عليه سيرة أهل المحاورات من التمسك بالإطلاقات».
وحاصل ما أفاده في ذلك : أن مقتضى الأصل كون المتكلم في مقام البيان فيما إذا شك في ذلك ، وهذا أصل عقلائي جرت عليه سيرة أبناء المحاورة ، حيث إنهم يتمسّكون بالإطلاقات مع عدم علمهم بكون المتكلم في مقام البيان ، فهذه السيرة أقوى دليل على هذا الأصل العقلائي.
نعم ؛ المتيقن من السيرة وبناء العقلاء على كون المتكلم في مقام بيان تمام مراده هو : ما إذا جرت عادة المتكلم على الركون إلى القرائن المتصلة ؛ بحيث يبيّن تمام