والسريان ، وإن كان ربما نسب ذلك إليهم ، ولعل وجه النسبة ملاحظة أنه لا وجه للتمسك بها بدون الإحراز والغفلة (١) عن وجهه (٢) ، فتأمل جيّدا.
ثم إنّه قد انقدح بما عرفت ـ من توقف حمل المطلق على الإطلاق فيما لم يكن هناك قرينة حالية أو مقالية على قرينة الحكمة المتوقفة على المقدمات المذكورة ـ أنه (٣)
______________________________________________________
مقام البيان ، وقد عرفت : أن الوجه في ذلك هو سيرة العقلاء.
(١) وغرضه : أن الداعي إلى نسبة وضع المطلق للماهية المقيدة بالشياع إلى المشهور أمران :
أحدهما : ملاحظة تمسكهم بالإطلاقات ، مع عدم إحراز كون المتكلم في مقام البيان ، مع لزوم إحرازه في التمسك بها.
ثانيهما : الغفلة عن وجه تمسكهم بها ، وهو الأصل العقلائي المذكور.
فهذان الأمران أوجبا التوجيه المزبور ـ أعني : نسبة وضع المطلق المشروط بالشياع إلى المشهور ـ لكنك قد عرفت وجه تمسكهم بالمطلقات وهو : إحراز كون المتكلم في مقام البيان بسيرة أهل المحاورات ، فالتوجيه المزبور غير سديد.
(٢) قوله : «عن وجهه» أي : وجه تمسك المشهور وهو سيرة أهل المحاورات.
«فتأمل جيدا» لعله إشارة إلى ضعف التوجيه المزبور ، وأنه كيف يمكن نسبة المطلق المقيد بالشياع إلى المشهور ، وجعله وجها لتمسكهم بالإطلاقات ، مع إن فيهم من ينكر وضع المطلق له ، ويلتزم بكون الموضوع له نفس الماهية المهملة المعراة عن كل قيد من الشيوع وغيره كالسلطان ومن تبعه ، ومع ذلك يتمسك بالإطلاقات مع عدم العلم بكون المتكلم في مقام بيان تمام مراده ، كما في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ٧٢٩».
لا إطلاق للمطلق فيما كان له الانصراف
(٣) فاعل «انقدح» ، والغرض من قوله : «انقدح» : بيان الانصراف الذي يكون قرينة مانعة عن الإطلاق ؛ إذ بعض أنواع الانصراف مما يوجب التعيين أو مما يوجب القدر المتيقن في مقام التخاطب ، فلا يجوز حينئذ التمسك بالإطلاق لعدم تمامية مقدمات الحكمة التي منها انتفاء ما يوجب التعيين ، ومنها انتفاء القدر المتيقن في مقام التخاطب.
وتوضيح ذلك : يتوقف على بيان أنواع الانصراف حتى نعلم أن أيّا منها يقيد المطلق فيكون مانعا عن الإطلاق ، وأيّا منها لا يقيده فلا يكون مانعا عن :
الأول : الانصراف الخطوري ، الناشئ عن غلبة الوجود ، الموجبة لانصراف المطلق إليه ، كخطور ماء الفرات في ذهن أهل الكوفة ، وماء دجلة في ذهن أهل بغداد من لفظ ماء