قبل اتّحادها مع الغصب ؛ لكنّه عرفت عدم الاقتضاء بما لا مزيد عليه ، فالصلاة في الغصب اختيارا في سعة الوقت صحيحة ، وإن لم تكن مأمورا بها.
الأمر الثاني :
قد مرّ (١) في بعض المقدمات : أنّه لا تعارض بين مثل خطاب «صل» وخطاب «لا تغصب» على الامتناع تعارض (٢) الدليلين بما هما دليلان حاكيان (٣) ، كي يقدم الأقوى منهما دلالة أو سندا ؛ بل إنّما هو من باب تزاحم المؤثرين والمقتضيين ، فيقدم الغالب منهما (٤) ، وإن كان الدليل على مقتضى الآخر أقوى من دليل مقتضاه.
______________________________________________________
الكلام في صغروية مسألة الاجتماع لكبرى التزاحم أو التعارض
(١) يعني : قد مرّ في المقدمة الثامنة والتاسعة ما مفاده : من أنّ مسألة الاجتماع من صغريات كبرى التزاحم.
وكيف كان ؛ فالغرض من عقد هذا الأمر الثاني : إنه ليس مسألة الاجتماع من باب التعارض حتى يرجع فيها إلى المرجحات السندية او الدلالية أو الجهتية ؛ بل من باب التزاحم الذي يكون مرجحه أهمية أحد الملاكين على الآخر ، فيقدم ما هو الأهم ملاكا على الأضعف ملاكا. فلا تعارض بين خطاب «صل» وخطاب «لا تغصب» مطلقا ، يعني : لا على القول بالجواز ، ولا على القول بالامتناع.
أما على القول بالجواز : فعدم التعارض لتعدد الجهة الموجب لتعدد المتعلق ، وأما على القول بالامتناع : فيكون مثل : «صلّ ولا تغصب» من باب التزاحم ، فيقدم ما هو الأهم منهما على الآخر لوجود المقتضى لتشريع الحكم في كل منهما.
(٢) مفعول مطلق نوعي لقوله : «لا تعارض ...» إلخ.
(٣) قوله : «بما هما دليلان حاكيان» إشارة إلى : أنّ التعارض على مذهب المصنف يكون في ناحية الكشف والحكاية ؛ لا في ناحية المدلول.
(٤) أي : الغالب من المؤثرين ، فالتزاحم عند المصنف عبارة عن تزاحم الملاكين الداعيين إلى تشريع الحكمين ، وليس عبارة عن تزاحم الحكمين الفعليين في مقام الامتثال.
وحاصل الكلام في المقام : أن الغالب من المؤثرين يقدم على الآخر ، وإن كان الآخر بحسب الدليل أقوى منه ، فيكون قوله : «وإن كان الدليل على مقتضى الآخر أقوى من دليل مقتضاه» إشارة إلى لزوم إعمال مرجح باب التزاحم ـ وهو تقديم ما هو الأهم ملاكا ـ وعدم إعمال مرجحات باب التعارض ـ وهو تقديم ما هو أقوى دلالة أو سندا أو جهة ـ.