تنبيه (١):
وهو أنه يمكن أن يكون للمطلق جهات عديدة ، كان واردا في مقام البيان من جهة منها ، وفي مقام الإهمال أو الإجمال من أخرى ، فلا بد في حمله على الإطلاق بالنسبة إلى جهة من كونه بصدد البيان من تلك الجهة ، ولا يكفي كونه بصدده من
______________________________________________________
إذا كان للمطلق جهات عديدة
(١) توضيح ما أفاده المصنف «قدسسره» في هذا التنبيه : أن القيد الذي يحتمل اعتباره في موضوع الحكم تارة : يكون واحدا ، وأخرى : متعددا ، فموضوع الحكم في الأول : يكون ذا جهة واحدة ، وفي الثاني : ذا جهات متعددة بمقدار تعدد القيود ، ومحل الكلام هو الاحتمال الثاني ، فحينئذ إذا كان المتكلم في مقام البيان ـ بالنسبة إلى جميع الجهات والقيود ، ولم تكن قرينة على أحدها كان الكلام مطلقا من جميع الجهات ـ فلا بد من التمسك بالإطلاق في جميعها إلا إن كون المتكلم في مقام البيان من جميع الجهات لم يتفق في شيء من إطلاقات الكتاب والسنّة.
وكيف كان ؛ فإذا كان المتكلم في مقام البيان من جهة دون أخرى فلا مانع من التمسك بإطلاق كلامه من الجهة التي كان في مقام البيان من تلك الجهة دون الجهة الأخرى ، فلا يجوز التمسك بإطلاق قوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ)(١) لطهارة موضع عضّ الكلب المعلم ؛ وذلك لأنه ليس في مقام بيان الطهارة والنجاسة حتى يصح التمسك بالإطلاق لطهارة موضع العض ، وإنما هو لبيان الحلية فقط ، فإنه إذا شك في اعتبار الإمساك من الحلقوم في التذكية والحلية وعدم اعتباره ، فلا مانع من التمسك بإطلاق الآية الكريمة من هذه الناحية ، والحكم بعدم اعتبار الإمساك من الحلقوم ، فالنتيجة هي : نجاسة موضع العضّ والحكم بالحلية وإن لم يكن الإمساك من الحلقوم ، ولهذا أوردوا (٢) على شيخ الطائفة «قدسسره» حيث استدل على طهارة موضع عضّ الكلب بإطلاق قوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ) مع وروده في مقام بيان الحلية ، ولا يرتبط بجهة الطهارة والنجاسة.
__________________
(١) المائدة : ٤.
(٢) وممن أورد عليه : الشهيد في المسالك ، ج ١١ ، ص ٤٤٣ ، والشيخ محمد حسن في الجواهر ، ج ٣٦ ، ص ٦٧ ، والنراقي في المستند ، ج ١٥ ، ص ٣٦٠.