فصل
إذا ورد مطلق ومقيّد متنافيين (١) ، فإما يكونان مختلفين في الإثبات والنفي ، وإما
______________________________________________________
في حمل المطلق على المقيّد
(١) إشارة إلى محل الكلام ، وتوضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن المطلق والمقيد تارة لا يكونان متنافيين مثل : ما إذا تعدد الحكم ولو بتعدد السبب نحو : «إن ظاهرت فأعتق رقبة ، وإن أفطرت فأعتق رقبة مؤمنة» ومثل : ما إذا أمر المولى بإتيان الماء على نحو الإطلاق ، وكان غرضه منه غسل الثوب مثلا ، فقال : «جئني بالماء» ، ثم أمر بإتيان الماء البارد لأجل الشرب ، فلا ريب في عدم التنافي بينهما في المثالين.
وأخرى : يكونان متنافيين ، والضابط في التنافي بينهما : أن لا يمكن الجمع بينهما مع حفظ أصالة الظهور فيهما ، والتنافي بهذا المعنى إنما هو فيما إذا كان الحكم واحدا مثل : «إن ظاهرت فاعتق رقبة ، وإن ظاهرت فلا تعتق رقبة كافرة» ؛ لأن صيغة الأمر ظاهرة في الوجوب ، وصيغة النهي ظاهرة في الحرمة ، فالأولى : تدل على وجوب عتق مطلق الرقبة مؤمنة كانت أم كافرة ، والثانية : تدل على حرمة عتق الرقبة الكافرة ، فلا يمكن الحمل بين وجوب عتق الكافرة وحرمة عتقها للتنافي بينهما.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن محل النزاع هو القسم الثاني ، ثم الصور والاحتمالات في المقام وإن كانت كثيرة إلا إننا نكتفي بما ذكره المصنف من كونهما مختلفين في الإثبات والنفي ، أو متوافقين فيهما.
فيقع الكلام تارة : في المقيد الذي يكون مخالفا للمطلق في الحكم كالمثال الأول المذكور في المتن.
وأخرى : في المقيد الذي يكون موافقا فيه كالمثال الثاني.
وأما الأول : فقد تسالم الأصحاب فيه على حمل المطلق على المقيد فيقيد الرقبة في المثال الأول بغير الكافرة
وأما الثاني : فالمشهور فيه هو حمل المطلق على المقيد ، وهناك قول بحمل المقيد على أفضل الأفراد ، هذا ما أشار إليه بقوله : «وقد أورد عليه بإمكان الجمع على وجه آخر ..» إلخ.