يكاد يمكن إرادته ، وإرادة غير العموم البدلي (١) ، وإن كانت ممكنة ؛ إلا إنّها منافية للحكمة ، وكون (٢) المطلق بصدد البيان كما لا يخفى.
______________________________________________________
عقيب الأمر مثل : «جئني برجل» ، فلا بد أولا : من توضيح القياس ، وثانيا : من بيان عدم صحة القياس.
أما وجه المقايسة : فلأن كل منهما مطلق ، فكل معنى يراد من أحدهما لا بد أن يراد من الآخر ، ومن المعلوم : أنه لا يراد من «جئني بالرجل» العموم الاستغراقي فكذلك في (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) ، فالنتيجة : أن المطلق سواء كان في حيّز الحكم التكليفي أم الوضعي لا يدل على العموم الاستيعابي أصلا.
وأما بيان فساد المقايسة الذي أشار إليه بقوله ـ «فإن العموم الاستيعابي» ـ فلأنه قياس مع الفارق ، والقياس مع الفارق يكون باطلا. وحاصل الفرق : أن إرادة العموم الاستغراقي من مطلق في المقيس عليه ممتنعة ؛ لكون التكليف به تكليفا بما لا يطاق ، إذ لو كان المأمور به في قوله : «جئني برجل» مجيء جميع أفراد هذه الطبيعة بنحو العام الاستغراقي لزم التكليف بغير المقدور وهو قبيح لا يصدر من العاقل فضلا عن الحكيم ، فلا بد من إرادة العام البدلي منه لئلا يلزم التكليف بالمحال.
وهذا بخلاف المطلق الواقع عقيب الحكم الوضعي كالبيع في الآية الكريمة ، فإن مقتضى مقدمات الحكمة مع مناسبة الامتنان وإمكان إرادة العموم الاستغراقي منه هو العموم الاستغراقي ، فالقياس المزبور نظرا إلى الفرق المذكور قياس فاسد.
(١) من المطلق الواقع عقيب الحكم التكليفي كفرد معيّن واقعا مبهم ظاهرا وإن كانت ممكنة ذاتا لكنها ممتنعة عرضا ؛ لأنها منافية للحكمة ؛ لعدم نصب قرينة على إرادة غير العموم البدلي أي : إرادة فرد معيّن واقعا مبهم ظاهرا.
(٢) عطف على «الحكمة» ومفسّر لها ، والمطلق ـ بكسر اللام ـ هو المتكلم.
وتركنا ما في المقام من طول الكلام رعاية للاختصار.
خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدسسره»
يتلخّص البحث في أمور :
١ ـ محل النزاع في حمل المطلق على المقيد هو : ما إذا كان بينهما تناف ، والضابط في التنافي بينهما : أن لا يمكن الجمع بينهما مع حفظ أصالة الظهور فيهما. والتنافي بهذا المعنى إنما هو فيما إذا كان الحكم واحدا نحو : «إن ظاهرت فأعتق رقبة ، وإن ظاهرت فلا تعتق رقبة كافرة» ، لأن صيغة الأمر ظاهرة في الوجوب ، وصيغة النهي