وينبغي التنبيه على أمور
الأول :
أنّ الاضطرار إلى ارتكاب الحرام وإن كان يوجب ارتفاع حرمته (١) ، والعقوبة
______________________________________________________
تنبيهات مسألة اجتماع الأمر والنهي
(١) مجمل الكلام في المقام : إنّه لا إشكال في ارتفاع الحرمة بالاضطرار ؛ لكونه مسقطا لها عقلا عن قابليّة الزجر والردع ، مضافا إلى ما دلّ نقلا على ذلك كحديث الرفع وغيره ، بل يمكن الاستدلال بالأدلة الأربعة على رفع الحكم بالاضطرار.
أما العقل : فلقبح التكليف حال الاضطرار ، لأنّ قوام التكليف إحداث الداعي لتحقق الزجر عن الفعل في مورد النهي ، وهذا مما لا يتحقق مع الاضطرار.
أمّا الإجماع : فواضح.
أمّا الكتاب : فلقوله تعالى : (إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ). الأنعام : ١١٩.
أمّا السنة : فلحديث الرفع.
فإذا ارتفع التكليف تبعه العقاب فلا عقاب في البين ، كما أشار إليه : «والعقوبة عليه» يعني : الاضطرار إلى ارتكاب الحرام يوجب ارتفاع العقوبة على الحرام ، كما يوجب ارتفاع نفس الحرمة.
هذا مما لا إشكال فيه ، وإنّما الإشكال في صحّة العبادة مع كون الفعل مبغوضا في نفسه ومحرّما لو لا الاضطرار إليه.
وكيف كان ؛ فتوضيح ما أفاده المصنف من اضطرار المكلف إلى ارتكاب الحرام يتوقف على مقدمة وهي : بيان ما يتصوّر في الاضطرار من صور وهي أربعة :
الأولى : أن لا يكون المضطر إليه بسوء الاختيار ، بل يكون الاضطرار إليه قهريا مع عدم ملاك الوجوب فيه ، كالارتماس المجرّد عن قصد الغسل ، والحكم فيها صحّة الصوم ، لارتفاع حرمته المانعة عن صحة الصوم بالاضطرار.
الصورة الثانية : نفس هذه الصورة الأولى ، لكن مع مصلحة الوجوب في الحرام