مبغوضا عليه ، وعصيانا لذلك الخطاب ، ومستحقا عليه العقاب لا يصلح لأن يتعلق به الإيجاب ، وهذا في الجملة (١) ممّا لا شبهة فيه ولا ارتياب.
وإنّما الإشكال (٢) فيما إذا كان ما اضطر إليه بسوء اختياره ، ممّا ينحصر به التخلّص عن محذور الحرام ، كالخروج عن الدار المغصوبة فيما إذا توسّطها بالاختيار في كونه منهيا عنه ، أو مأمورا به ، مع جريان حكم المعصية عليه أو بدونه ، فيه أقوال ، هذا على الامتناع.
______________________________________________________
يكون مأمورا به فعلا مع جريان حكم المعصية من استحقاق العقوبة عليه أم بدون جريان حكمها عليه؟ فيه أقوال ستأتي الإشارة في قول المصنف إليها.
وكيف كان ؛ فالمكلف كان قادرا على حفظ نفسه من الدخول إلى الدار المغصوبة ؛ بأن لا يدخل حتى يحتاج إلى الخروج ، فلو لم يحفظ نفسه حتى دخل فاضطر إلى التخلّص من الحرام بالخروج كان معاقبا على الدخول والخروج ، أمّا على الدخول :
فواضح ؛ لأنّه كان باختياره ، وأمّا على الخروج : فلأنّه وإن كان مضطرا إليه إلّا إنّه كان بسوء اختياره.
(١) قوله : «في الجملة» مقابل للصورة الآتية المشار إليها بقوله : «وإنما الإشكال ...» إلخ.
(٢) المقصود الأصلي من عقد هذا التنبيه الأول : بيان حكم الخروج شرعا من الأرض المغصوبة إذا توسطها المكلف بسوء اختياره ، وتوقف التخلّص من الحرام على الخروج ، فيكون مقدمة للواجب وهو التخلّص من الحرام فنقول : إنّ بيان حكم الخروج شرعا ـ على رأي المصنف ـ يتوقف على ذكر ما في المسألة من الأقوال ، وهي على القول بالامتناع أربعة :
أحدها : أنه مأمور به فقط ، ولا يجري عليه حكم المعصية ، وهو خيرة الشيخ الأنصاري ، وفي التقريرات : «وقد نسبه بعضهم إلى قوم ، ولعلّه الظاهر من العضدي كالحاجبي ، حيث اقتصروا على كونه مأمورا به فقط».
ثانيها : ما في التقريرات أيضا من : «أن بعض الأجلة ذهب إلى أنّه مأمور به ، ولكنه معصية بالنظر إلى النهي السابق ، وعليه حمل الكلام المنقول من الفخر الرازي».
ثالثها : أنّه مأمور به وليس بمنهي عنه مع جريان حكم المعصية عليه ، وهو المحكي عن الفخر الرازي ، ومال إليه بعض المتأخرين كصاحب الفصول.
رابعها : أنّه منهي عنه بالنهي السابق الساقط بالاضطرار ، وليس بمأمور به. وهذا الأخير هو مختار المصنف «قدسسره» ، وكيف كان ؛ فهذا الخلاف الواقع بينهم في