فصل في أن النهي عن الشيء هل يقتضي فساده أم لا؟
وليقدم أمور (١) :
الأول (٢) :
أنّه قد عرفت في المسألة السابقة : الفرق بينها وبين هذه المسألة ، وأنّه لا دخل للجهة المبحوث عنها في إحداهما بما هو جهة البحث في الأخرى ، وأنّ البحث في هذه المسألة في دلالة النهي بوجه يأتي تفصيله على الفساد ، بخلاف تلك المسألة فإنّ
______________________________________________________
هل النهي يقتضي الفساد أم لا
(١) يعني : قبل الخوض في أصل البحث لا بدّ من تقديم أمور ثمانية.
(٢) الامر الاول : بيان الفرق بين المسألة السابقة وبين هذه المسألة.
وخلاصة الفرق : إنّه ليس الامتياز بين المسائل بمجرّد تعدد الموضوع ؛ بل إنّما هو بتعدد الجهة المقصودة بالبحث ولو مع وحدة الموضوع.
فالجهة المبحوث عنها في مسألة الاجتماع هي : سراية كلّ من الأمر والنهي إلى متعلق الآخر ؛ لاتحاد متعلقيهما ـ كعنوان الصلاة مع عنوان الغصب ـ وجودا ، وعدم سراية كلّ منهما إلى متعلق الآخر لتعددهما كذلك.
وأمّا الجهة المبحوث عنها في هذه المسألة : فهي مفسدية النهي للعبادة أو المعاملة وعدمها ؛ بعد الفراغ عن أصل توجهه وسرايته إليهما.
ومن الواضح : أن الجهة المقصودة في تلك المسألة أجنبيّة عن الجهة المقصودة بالبحث في مسألة دلالة النهي على الفساد وعدمها عليه.
وبعبارة أخرى : أن النزاع في هذه المسألة كبروي ؛ بمعنى : أن المبحوث عنه فيها هو ثبوت الملازمة بين النهي عن العبادة وفسادها ، وعدم ثبوت هذه الملازمة بعد الفراغ عن ثبوت الصغرى وهي تعلق النهي بالعبادة قطعا.
وأما النزاع في المسألة السابقة فهو صغرويّ بمعنى : أن البحث فيها إنّما هو عن سراية النهي في مورد الاجتماع إلى متعلق الأمر وعدم سرايته إليه.
فالفرق بين المسألتين واضح ، وهذا الفرق هو مختار المصنف.