الرابع (١):
ما يتعلق به النهي ، إمّا أن يكون عبادة أو غيرها ، والمراد بالعبادة هاهنا : ما يكون
______________________________________________________
النهي ، بمعنى أنّه كلّما كان من أقسامه واجدا لملاك البحث كان داخلا في النزاع ، وكلما لم يكن فيه الملاك لم يجر فيه النزاع.
في تعيين المراد بالعبادة في المسألة
(١) الغرض من عقد هذا الأمر الرابع هو : بيان المراد بالعبادة التي يتعلق بها النهي.
وتوضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن العبادة قد عرفت بتعاريف عديدة ؛ منها :
ما يكون بذاته عبادة من دون إناطة عباديتها بأمر ، فالعبادة حينئذ فعلية ذاتية ، كالسجود والركوع ونحوهما مما يكون بنفسه عبادة ، فإذا تعلق النهي بهذا القسم من العبادات لا يخرج عن العبادية ـ لكون عباديته ذاتية ـ بل يخرج بسبب النهي عن المقربيّة.
ومنها : ما تكون عباديته تعليقيّة بمعنى : أنّه لو أمر به لصار عبادة ، وكان أمره عباديا بحيث لا يسقط إلّا إذا أتى به على وجه قربي ؛ كصوم العيدين والصلاة في أيّام الحيض ، بداهة : أنّه لو تعلق بهما الأمر كان عباديا لا توصليا.
ومنها : ما يكون الأمر به لأجل التعبد به فعلا ، كما في «التقريرات».
ومنها : ما تكون صحته متوقفة على النية كما في «القوانين». قال المحقق القمّي : في المقدمة الأولى من مقدمات دلالة النهي على الفساد ما لفظه :
«المراد بالعبادة هنا : ما احتاج صحتها إلى النيّة ، وبعبارة أخرى : ما لم يعلم انحصار المصلحة فيها في شيء سواء لم يعلم المصلحة أصلا أو علمت في الجملة» (١).
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنّ المراد بالعبادة عند المصنف في هذه المسألة أحد معينين ـ وهما ـ المعنى الأول ، والثاني : لا المعنى الثالث والرابع.
الأوّل : ما أشار إليه بقوله : «المراد بالعبادة هاهنا ما يكون بنفسه وبعنوانه عبادة له تعالى» ، سواء أمر به أو نهى عنه أم لا؟ نعم يكون «موجبا بذاته للتقرب من حضرته لو لا حرمته» فإنّ القرب يدور مدار المحبوبية ، فلا يكون التقرب بشيء محرم مبغوض ، نعم ؛ إنّ الحرمة مانعة عن المقربية لا عن صدق العبادة «كالسجود والخضوع ...» إلخ.
والثاني : ما أشار إليه بقوله : «أو ما لو تعلق الأمر به كان أمره أمرا عباديا ...» إلخ يعني : أنّ المراد بالعبادة : ما تكون عباديته تعليقية ، وقد عرفت توضيح ذلك.
__________________
(١) قوانين الأصول ، ج ١ ، ص ١٥٤ ، س ٢٢.