الإعادة أو عدم الوجوب فسّر صحة العبادة بسقوطهما ، وكان غرض المتكلم هو حصول الامتثال الموجب عقلا لاستحقاق المثوبة فسّرها بما يوافق الأمر تارة ، وبما يوافق الشريعة أخرى ، وحيث (١) إن الأمر في الشريعة يكون على أقسام (٢) من
______________________________________________________
(١) شروع في بيان كيفيّة اختلاف الصحة والفساد بحسب الآثار والأنظار.
في تقسيم الأمر إلى أقسام
(٢) غرضه من هذا التقسيم : تحقيق النسبة بين التعريفين ، وهي ـ على ما اشتهر بينهم ـ عموم مطلق ؛ لأنّ كل ما يسقط الإعادة والقضاء موافق للأمر والشريعة ولا عكس ، وذلك كما في الصلاة بالطهارة المستصحبة فإنّها موافقة للأمر وليست مسقطة للإعادة والقضاء مع انكشاف الخلاف.
ولمّا كان تحقيق ذلك منوطا بمعرفة أقسام الأمر قدّم ذلك على بيان حال النسبة المذكورة ، فقال : الأمر على ثلاثة أقسام :
١ ـ الواقعي الأوّلي : كقوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ*).
٢ ـ الواقعي الثانوي : كالأمر بالصلاة متكتّفا تقية.
٣ ـ الظاهري : كالصلاة مع الطهارة المستصحبة.
إذا عرفت هذه الأقسام فيقال : إن كون النسبة بين التعريفين عموما مطلقا منوط بأمرين : أحدهما : أن يكون المراد بالأمر في تعريف المتكلم ما يعمّ أقسامه الثلاثة المذكورة.
ثانيهما : بناء الفقيه على عدم الإجزاء بموافقة الأمر الظاهري ، فحينئذ يصدق أنّ كلّما يسقط الإعادة والقضاء موافق للأمر الواقعي الأوّلي أو الثانوي ، وكلاهما مراد للمتكلم. ولا عكس ، أي : لا يصدق أن كل ما هو موافق للأمر مسقط للإعادة أو القضاء ، وذلك لأن المأمور به بالأمر الظاهري وإن كان موافقا للأمر عند المتكلم ـ لأن المفروض : أنّ المراد بالأمر ما يعمّ أقسامه الثلاثة ـ لكنّه ليس مسقطا للإعادة أو القضاء ؛ لأنّ الفقيه لا يقول بمسقطيّة الأمر الظاهري لهما.
وبالجملة : أن كون النسبة بين التعريفين عموما مطلقا مبني على الأمرين ، وهما كون المراد بالأمر : ما يعمّ أقسامه الثلاثة ، وعدم إجزاء الأمر الظاهري ، وحينئذ فبانتفاء أحد الأمرين تنتفي النسبة المذكورة بين التعريفين ، وتكون النسبة بينهما هي التساوي ؛ لأنّ موافقة مطلق الأمر مسقطة للإعادة أو القضاء ، وكذا كل مسقط لهما موافق للأمر.
فالنتيجة : هي المنع عن كون النسبة بينهما عموما مطلقا لما عرفت من توقفها على